(فحج آدم موسى فحج آدم موسى) كررت الجملة مرتين في الرواية الأولى ولم تكرر في الثالثة ولا في الرابعة وفي رواية للبخاري "فحج آدم موسى فحج آدم موسى ثلاثا" وفي رواية "فاحتجا إلى الله فحج آدم موسى قالها ثلاث مرات" وفي رواية "لقد حج آدم موسى لقد حج آدم موسى لقد حج آدم موسى" وفي رواية "فخصم آدم موسى فخصم آدم موسى"
(كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) قال العلماء المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له
(وعرشه على الماء) أي قبل خلق السماوات والأرض
-[فقه الحديث]-
مشكلة الحديث هل لأحد أن يلوم من عصى على معصيته وخصوصا إذا أصابه منها أذى ومتاعب إن كان الجواب بنعم كما هو ظاهر شريعتنا فموسى محق وحجته قوية غالبة فكيف عد في الحديث مهزوما محجوجا مغلوبا وهل لمن عصى أن يعتذر عن معصيته بالقدر وبأنه سبق عليه القضاء وهو مكتوب عليه
إن كان الجواب بلا كما هو ظاهر شريعتنا فلم عد آدم غالبا وعدت حجته قوية
وإن كان الجواب ليس لأحد أن يلوم العاصي على معصيته وللعاصي أن يعتذر عن معصيته بجريان القلم كنا مع الجبرية الذين يقولون إن معنى سبق القضاء والقدر يستلزم الجبر وقهر العبد والمجبور لا يلام فالجبرية يتمسكون بموقف آدم وحجته التي احتج بها والتي صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وأقره عليها وشهد له بأنه غلب خصمه بها
والمعتزلة الذين يقولون إن العبد يخلق أفعاله الاختيارية وهو مسئول عنها مسئولية كاملة إرادة واختيارا ونزوعا وحركة وفعلا وإنجازا وإن وافقهم موقف موسى لكنه موقف مهزوم وحجة مردودة مغلوبة فلا يستدل بها يرون أن حجة آدم مرفوضة رفضا قاطعا لأنه لو ساغ الاعتذار عن المعصية السابقة بالقدر لانسد باب القصاص والحدود ولاحتج به كل أحد على ما يرتكبه من الفواحش والإفساد في الأرض وهذا يفضي إلى لوازم قطعية مرفوضة عقلا وشرعا
وعلى هذا الأساس يردون الحديث ويقولون عنه حديث لا أصل له
وأهل السنة يقفون بين الجبرية وبين المعتزلة في هذه القضية وموقفهم حرج دقيق وهم يميلون نحو الجبرية لكنهم يلتمسون للمسئولية خيطا كخيط العنكبوت فبعضهم يرى أن الحجة والمسئولية تقع على القصد والتعمد والاختيار وأما الفعل فهو لله فإن قيل لهم القصد والتعمد والاختيار فعل من أفعال النفس الاختيارية فجعله للعبد وجعل النزوع والحركة لقدرة الله تحكم إن قيل لهم ذلك قالوا {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [الأنبياء 23]