-[المباحث العربية]-
(احتج آدم وموسى) بفتح التاء وتشديد الجيم يقال احتج بمعنى أقام الحجة أي أقام كل منهما الحجة على الآخر مستنكرا فعله وفي الرواية الثانية "تحاج آدم وموسى" بتشديد الجيم ومعناه تجادل وأصله تحاجج بجيمين مفتوحتين وفي رواية للبخاري في تفسير سورة طه "حاج موسى آدم" بالجيم المشددة يقال حاجه محاجة وحجاجا جادله وفي القرآن الكريم {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} [البقرة 258]
وأما معنى قوله في آخر الحديث "فحج آدم موسى فحج آدم موسى" برفع "آدم" على الفاعلية فمعناه غلبه بالحجة قال الحافظ ابن حجر واتفق الرواة والنقلة والشراح على أن "آدم" بالرفع وهو الفاعل وشذ بعض الناس فقرأه بالنصب على أنه المفعلول وموسى" في محل الرفع فاعل وهو محجوج بالاتفاق قبله وقد أخرجه أحمد بلفظ "فحجه آدم" وهذا يرفع الإشكال ورواته أئمة حفاظ اهـ
وقد جاء في رواية أيوب بن النجار ويحيى بن كثير "حج آدم وموسى" بدل "احتج آدم وموسى" وشرحها الطيبي بقوله معناه غلبه بالحجة اهـ وهو غير سليم لوجود الواو بينهما بل معنى هذه الرواية قدم آدم وموسى فهي كرواية محمد بن سيرين "التقى آدم وموسى"
وفي مكان هذا الاحتجاج وزمانه وكيفيته أقوال لا تخلو من نظر فزعم بعض الشيوخ أن هذه المحاجة ستقع يوم القيامة والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع واستند إلى رواية أحمد ولفظها "احتج أدم وموسى عند ربهما" وعليها بوب البخاري للحديث بقوله باب تحاج آدم وموسى عند الله
قال الحافظ ابن حجر ليس قول البخاري "عند الله" صريحا في أن ذلك يقع يوم القيامة فإن العندية عندية اختصاص وتشريف لا عندية مكان فيحتمل وقوع ذلك في كل من الدارين وقد وردت العندية في القيامة بقوله تعالى {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} [القمر 55] ووقعت في الدنيا في قوله صلى الله عليه وسلم "أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني" اهـ كما يستدل لهذا القول بما وقع في حديث عمر وأنهما حين يلتقيان في الموقف يقول موسى أنت آدم يقول له من أنت يقول أنا موسى فيقول نبي بني إسرائيل فيقول نعم
القول الثاني أنه وقع في الدنيا في حياة موسى فعند أبي داود "قال موسى يا رب أرني آدم ... " فأحيا الله له آدم معجزة له وكلمه وتحاجا
القول الثالث كالقول الثاني لكن كشف الله لموسى عن قبر آدم فتحدثا
القول الرابع كالقول الثاني لكن أراه الله روحه كما أرى نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج أرواح الأنبياء فتحدثا