المسجد رآه فتذكر سؤاله أو عاوده الأعرابي فسأل فأجابه وفي الرواية الرابعة عن عبد الله بن مسعود "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" وعند البخاري عن أبي موسى "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل" قال الحافظ ابن حجر أولى ما فسر به هذا المبهم أنه أبو موسى راوي الحديث فعند أبي عوانة عن أبي موسى "قلت يا رسول الله ... " فذكر الحديث لكن يعكر عليه ما وقع عند أبي نعيم عن عبد الله بن مسعود قال جاء أعرابي وأبو موسى إن جاز أن يبهم نفسه فيقول "أتى رجل" فغير جائز أن يصف نفسه بأنه أعرابي وعند الترمذي والنسائي عن زر بن حبيش أنه سأل السؤال نفسه وعند الطبراني ما يحتمل أن السائل صفوان بن قدامة وعند أبي عوانة وأحمد وأبي داود وابن حبان عن أبي ذر قال قلت "يا رسول الله ... " الحديث قال الحافظ ابن حجر المحفوظ لأبي ذر بهذا الإسناد "الرجل يعمل العمل من الخير ويحمد الناس عليه" أخرجه مسلم فلعل بعض الرواة دخل عليه حديث في حديث اهـ
(متى الساعة قال وما أعددت لها) قال الكرماني سلك مع السائل أسلوب الحكيم وهو إجابة السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو ما هو أهم اهـ
(قال حب الله ورسوله) "حب" بالنصب مفعول به لفعل محذوف مفهوم من السؤال أي أعددت لها حب الله ورسوله وفي الرواية الثانية "فلم يذكر كبيرا" من العمل الصالح "قال ولكني أحب الله ورسوله" وفي ملحق الرواية "ما أعددت لها من كثير أحمد عليه نفسي" وفي الرواية الرابعة "قال فكأن الرجل استكان ثم قال يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله" أي ما أعددت لها كثيرا من نوافل الصلاة والصيام والصدقة أما الفرائض فقد أعدها
وفي الرواية الخامسة "فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم" وفي رواية للبخاري "ولم يلحق بهم" و"لما" أبلغ من "لم" لأن "لم" لنفي الماضي فقط و"لما" لنفي الماضي المستمر فتدل على نفي اللحاق في الماضي وقربه في الحاضر
(أنت مع من أحببت) كذا في الرواية الأولى والثالثة وفي الثانية "فإنك مع من أحببت" وفي الرابعة "المرء مع من أحب" زاد أبو نعيم في رواية "وعليك ما اكتسبت وعلى الله ما احتسبت"
-[فقه الحديث]-
قال النووي في الحديث فضل حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والصالحين وأهل الخير الأحياء والأموات ومن لوازم محبة الله ورسوله امتثال أمرهما واجتناب نهيهما والتأدب بالآداب الشرعية ولا يشترط في الانتفاع بمحبة الصالحين أن يعمل عملهم إذ لو عمله لكان منهم ومثلهم وقد صرح في الحديث [في روايتنا الرابعة] بذلك فقال "أحب قوما ولما يلحق بهم" اهـ هذا وليس من لوازم المعية الاستواء في الدرجات.