وعلى هذا فالقيد للاحتراز عمن مات له ثلاثة بالغون وسيأتي مزيد بحثه في فقه الحديث
(فتمسه النار إلا تحلة القسم) وفي ملحق الرواية "فيلج النار إلا تحلة القسم" وفي الرواية الثالثة "إلا كانوا لها حجابا من النار" وفي الرواية الثانية "إلا دخلت الجنة" وهي محمولة على دخول الجنة بدون دخول النار أي دخول الجنة لأول وهلة فمن المسلمين من يدخل الجنة بعد النار والمراد بالولوج الورود وهو عام يخفف بموت الأولاد بشروطه
وقوله "فتمسه النار" وقوله "فيلج النار" بنصب الفعل لأن المضارع ينصب بعد النفي بتقدير "أن" لكن حكى الطيبي أن شرطه أن يكون بين ما قبل الفاء وما بعدها سببية ولا سببية هنا إذ لا يجوز أن يكون موت الأولاد ولا عدمه سببا لولوج الأب والأم النار قال وإنما الفاء بمعنى الواو التي للجمع وتقديره لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من ولده وولوجه النار قال لا محيد عن ذلك إن كانت الرواية بالنصب وأقره على هذا جماعة قال وإن كانت الرواية بالرفع فمعناه لا يوجد ولوج النار عقب موت الأولاد إلا مقدارا يسيرا اهـ
قال الحافظ ابن حجر ووقع في البخاري في الأيمان والنذور بلفظ "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم" فقوله "تمسه" بالرفع جزما
و"تحلة القسم" بفتح التاء وكسر الحاء وتشديد اللام أي ما ينحل به القسم وهو اليمين وهو مصدر حلل اليمين أي كفرها يقال حلل تحليلا وتحلة وتحلا بغير هاء والثالث شاذ وقال أهل اللغة يقال فعلة تحلة القسم أي قدر ما حللت به قسمي ويميني ولم أبالغ وقال الخطابي حللت القسم تحلة أي أبررتها
وقال القرطبي اختلف في هذا القسم والمراد منه فقيل هو معين وقيل هو غير معين فالجمهور على الأول وقيل لم يعن به قسم بعينه وإنما معناه التقليل لأمر ورودها وهذا اللفظ يستعمل في هذا وقيل الاستثناء بمعنى الواو أي لا تمسه النار قليلا ولا كثيرا ولا تحلة القسم
وقال بعضهم المراد به قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} [مريم 71] قال الخطابي معناه لا يدخل النار ليعاقب بها ولكنه يدخلها مجتازا ولا يكون ذلك الجواز إلا مقدار ما يحلل به الرجل يمينه ويدل على ذلك ما وقع عند عبد الرزاق بلفظ "إلا تحلة القسم يعني الورود" وعند سعيد بن منصور "ثم قرأ سفيان {وإن منكم إلا واردها} وعند الطبراني "من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل" يعني الجواز على الصراط وأخرج الطبراني مثله مرفوعا "من حرس وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم فإن الله عز وجل قال {وإن منكم إلا واردها}
واختلف في موضع القسم من الآية فقيل هو مقدر أي والله ما منكم إلا واردها وقيل معطوف على القسم الماضي في قوله تعالى {فوربك لنسألنهم أجمعين} أي وربك ما منكم إلا واردها وقيل هو مستفاد من قوله تعالى {حتما مقضيا} أي قسما واجبا وقال الطيبي يحتمل أن يكون المراد