الأول التحذير من الحكم على إنسان بأنه من أهل النار أو بأنه لن يغفر له ذنبه أو ذنوبه لأن هذا الحكم لله تعالى وحده ولإرادة الله وحده ولفعل الله وحده فهو يغفر لمن يشاء {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} [البقرة 284] فمن حكم هذا الحكم على إنسان حجر واسعا وتدخل في المشيئة بالحجر عليها وتعيين وجه واحد على إرادتها وبذلك يعرض نفسه للعقاب والحساب يعرض نفسه لأن يؤخذ بذنبه وبذنب من حكم عليه فيحبط الله عمله الصالح بما فعل من سيئات ويغفر الله لمن حكم عليه ويبدل سيئاته حسنات فليس الهدف من الحديث النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله كما بوب الإمام النووي رحمه الله بل النهي عن تحجير رحمة الله

الأدب الثاني الحث على عدم الاستهانة بالضعفاء والخاملين من أجل مظاهرهم في الدنيا فقد يكونون عظماء المنزلة عند الله تعالى وليس الهدف من الحديث بيان فضل الضعفاء والخاملين كما بوب النووي رحمه الله تعالى

الأدب الثالث التحذير من الحكم على الناس بأنهم هالكون عند الله بسبب ما يرى من انحرافهم عن الدين والتحذير من كثرة عيبهم وذكر مساويهم فهذا من قبيل الأدب الأول تحجير على رحمة الله وتدخل في مشيئته جل شأنه وتحقير للمسلمين

قال النووي واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الازدراء على الناس واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم وتقبيح أحوالهم لأنه لا يعلم سر الله في خلقه قالوا فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه

وقال الخطابي معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم

والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015