الثالثة صورة من يحتقر الناس ويحكم عليهم بالهلاك لظاهر ما يقعون فيه من الذنوب فهو يهلك نفسه بهذا الفعل وبهذا القول لما فيه من عيب المسلمين ولما فيه من بعث الحقد في نفس سامعه والإعجاب والغرور في نفس قائله
-[المباحث العربية]-
(إن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان) أي حلف أن الله لا يغفر لفلان من الناس عينه هو
(وأن الله تعالى قال) ردا عليه
(من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان) الاستفهام إنكاري توبيخي بمعنى لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك أو أن يقول ذلك و"يتألى" بفتح التاء والهمزة واللام المشددة بمعنى يحلف من الألية بفتح الهمزة وكسر اللام وتشديد الياء وهي اليمين
(فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك) مذهب أهل السنة أن إحباط الأعمال لا يكون إلا بالكفر ولذا تأولوا الإحباط هنا على معنى إسقاط حسنات في مقابل سيئات وسمي ذلك إحباطا مجازا
(رب أشعث أغبر) أي ملبد الشعر غير مدهون ولا مرجل
(مدفوع بالأبواب) أي لا قدر له عند الناس فهم يدفعونه عن أبوابهم ويطردونه عنهم احتقارا له فهو كناية عن استضعاف الناس له كما جاء حديث البخاري "ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف" وفي رواية "مستضعف" "لو أقسم على الله لأبره" وعند أحمد "الضعيف المستضعف ذو الطمرين لا يؤبه له" والطمر بكسر الطاء وسكون الميم الثوب الخلق البالي أي ذو الإزار والرداء الممزقين الباليين
(لو أقسم على الله لأبره) بفتح الهمزة والباء والراء المشددة أي لو حلف على أن شيئا سيقع لأوقعه الله إكراما له بإجابة سؤاله وصيانته من الحنث في يمينه وهذا لعظم منزلته عند الله تعالى وإن كان حقيرا عند الناس وقيل معنى القسم هنا الدعاء وإبراره إجابته
(إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم) برفع "أهلكهم" أي أشدهم هلاكا وبفتح الكاف على أن "أهلك" فعل ماض أي جعلهم هالكين بغير علم عنده وروى "فهو من أهلكهم" وهذه الرواية ترجح الرواية الأولى
-[فقه الحديث]-
ثلاثة آداب مترابطة جمعناها تحت باب واحد وأفرد النووي كل واحد منها بباب