صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وبلوغه حيث بلغ من ملكوت السموات، دليل على علو درجته وإبانة فضله. اهـ.
30 - يؤخذ من قوله عن البيت المعمور: "وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه" كثرة الملائكة، كثرة تفوق كل تصور {وما يعلم جنود ربك إلا هو}
31 - وفيه أن الصلوات الخمس فرضت بمكة، وأنها فرضت خمسين صلاة ثم خففت، ويؤخذ من قوله في الرواية الأولى: "فحط عني خمسا" أن التخفيف كان خمسا خمسا، وأما قول الكرماني اعتمادا على قوله في الرواية السادسة: "فوضع شطرها" الشطر: النصف ففي المراجعة الأولى وضع خمسا وعشرين، وفي الثانية ثلاث عشرة، يعني نصف الخمس والعشرين بجبر الكسر، وفي الثالثة سبعا. إلخ. هذا القول من الكرماني بعيد، ومجموع الروايات يأباه، والشطر كما يطلق على النصف يطلق على البعض.
وهل فرضت الصلاة ليلة الإسراء على ما أقرت عليه وعلى ما انتهت إلينا؟ أو فرضت - كما روي عن عائشة - ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر؟
خلاف بين العلماء، فمن ذهب إلى الثاني كالحنفية بنى عليه أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، ومن ذهب إلى الأول قال: إن قول عائشة غير مرفوع، وهي لم تشهد زمان فرض الصلاة، وإن قولها هذا معارض بحديث ابن عباس "فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين"، وقد رواه مسلم.
وحاول الحافظ ابن حجر الجمع بين الروايتين فقال: والذي يظهر لي، وبه تجتمع الأدلة السابقة أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيد بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح فترك لطول القراءة، ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101]. فعلى هذا: المراد بقول عائشة: "فأقرت صلاة السفر" أي باعتبار ما آل إليه الأمر بالتخفيف، لا أنها استمرت منذ أن فرضت. اهـ.
وهذه المحاولة يعوزها الدليل، وسندها ضعيف، واحتمالها بعيد، والذي أميل إليه أنها فرضت ليلة الإسراء على ما هي عليه، ثم خفف الله [بالقصر] على المسافرين، ورفع عنهم الحرج والمشقة للتيسير. والله أعلم.
والحكمة في وقوع فرض الصلاة ليلة الإسراء أنه لما قدس ظاهرا وباطنا حين غسل بماء زمزم وبالإيمان والحكمة، ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الطهور ناسب ذلك أن تفرض الصلاة في تلك الحالة، وليظهر شرفه في الملأ الأعلى. كذا قيل. وقال ابن أبي جمرة: في اختصاص فرضيتها بليلة الإسراء إشارة إلى عظم بيانها، ولذلك اختص فرضها بكونه بغير واسطة جبريل. اهـ. كما أشار ابن أبي جمرة إلى الحكمة في كونها كانت كذلك بركوع وسجود بأنه لما عرج به صلى الله