قال ابن أبي جمرة الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق لطيف فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر وأما التوادد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب على الثوب ليقويه اهـ
وقوله "مثل الجسد" أي بالنسبة إلى جميع أعضائه ووجه التشبيه فيه التوافق والمشاركة في التعب والراحة كذا قال الحافظ ابن حجر مراعيا المنصوص عليه في الحديث كوجه التشبيه "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وعندي أن وجه الشبه أعم من ذلك فهو التعاون بين أعضائه "مثل المؤمنين كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى" والتعاطف والتوادد والتضامن في تحمل المسئولية "كالبنيان يشد بعضه بعضا" فوجه الشبه المشاركة في التأثر والتأثير
ومعنى "تداعى" أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة في الألم ومنه قولهم تداعت الحيطان أي دعا بعضها بعضا للسقوط ودعوة بعضه بعضا بالسهر لأن الألم يمنع النوم فألم العين يمنع الجسم كله من النوم ووجع الرأس يمنع الجسم كله من النوم وأما دعوة بعضه بعضا بالحمى فلأن ألم عضو يشعل الحرارة والقشعريرة في الجسد كله والحمى مثل للمرض الذي يؤلم الجسم كله
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
1 - تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض
2 - وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه
3 - وجواز التشبيه وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام
4 - قال ابن بطال فيه الحث على المعاونة في أمور الآخرة وكذا في الأمور المباحة من الدنيا ويؤكده حديث "والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه"
والله أعلم.