المحسن بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه وقيل معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم كمن يسف المل وقيل ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم

وقوله "أحلم" بضم اللام ومعنى "يجهلون علي" أي يسيئون والجهل هنا القبيح من القول و"تسفهم" بضم التاء وكسر السين وتشديد الفاء و"المل" بفتح الميم وتشديد اللام الرماد الحار

(ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك) الظهير المعين والمدافع أي وستظل منتصرا عليهم بعون الله لا يضرك أذاهم وينفعك إحسانك إليهم

-[فقه الحديث]-

ذكر البخاري تحت باب فضل صلة الرحم زيادة على ما هنا حديث الرجل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم" وقد سبق في كتاب الإيمان

كما ذكر حديث "ليس الواصل بالمكافئ" أي الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير له ليس هو الواصل لأن الغير في هذه الحالة هو الذي وصل وعن عمر موقوفا "ليس الوصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص ولكن الوصل أن تصل من قطعك" و"ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" أي ليست حقيقة الواصل ومن يعتد بصلته هو من يكافئ صاحبه بمثل فعله ولكنه من يتفضل على صاحبه قال الترمذي المراد بالواصل في هذا الحديث الكامل فإن في المكافأة نوع صلة وهو من قبيل "ليس الشديد بالصرعة" و"ليس الغني عن كثرة العرض"

قال الحافظ ابن حجر لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع فهم ثلاث درجات مواصل مكافئ وقاطع فالواصل من يتفضل ولا يتفضل عليه والمكافئ الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذ والقاطع الذي يتفضل عليه ولا يتفضل وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع المقاطعة من الجانبين فمن بدأ حينئذ فهو الواصل فإن جوزي سمى من جازاه مكافئا اهـ

وحكى القرطبي في تفسيره اتفاق الأمة على حرمة قطع الرحم ووجوب صلتها ولا ينبغي التوقف في كون القطع كبيرة حيث توقف الرافعي

واختلف في المراد بالقطيعة فقال أبو زرعة ينبغي أن تختص بالإساءة وقال غيره هي ترك الإحسان ولو بدون إساءة لأن الأحاديث آمرة بالصلة ناهية عن القطيعة ولا واسطة بينهما والصلة إيصال نوع من الإحسان كما فسرها بذلك غير واحد فالقطيعة ضدها فهي ترك الإحسان

وقال القاضي عياض الصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015