(قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذاك لك) "نعم" أي أجرتك والوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه وهو خطاب للناس بما يفهمون لأن أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال وهو القرب منه وإسعافه بما يريد ومساعدته على ما يرضيه ولما كانت حقيقة ذلك مستحيلة على الله عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده قاله ابن أبي جمرة قال وكذا القول في القطع هو كناية عن حرمان الإحسان قال القرطبي ومقصود هذا الكلام الإخبار بتأكيد أمر صلة الرحم وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجاره فأجاره فأدخله في حمايته وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول اهـ

(ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}) والمعنى فهل يتوقع منكم يا من في قلوبكم مرض إن توليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض بالظلم وسفك الدماء وتقطعوا أرحامكم من يفعل ذلك منكم لعنه الله فأصمه عن سماع الحق وأعمى أبصارهم عن مشاهدة الحقيقة فالآية الكريمة تحذر من قطيعة الرحم وتوصي بصلتها

(لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم وأهل السنة على أن الكبيرة لا تمنع من دخول الجنة ولا تخلد في النار وقد سبق في كتاب الإيمان تأويلهم لمثل هذا بأنه محمول على المستحل بلا سبب ولا شبهة مع علمه بالتحريم أو محمول على أنه لا يدخلها أول الأمر مع السابقين بل بعد أن يعاقب على ما ارتكب

(من سره أن يبسط عليه رزقه) وفي الرواية السادسة "من أحب أن يبسط له في رزقه" وبسط الرزق توسيعه وكثرته

(أو ينسأ له في أثره) بضم الياء وسكون النون أي يؤخر والمراد من الأثر الأجل أي نهايته وهو الموت وسمى الأجل أثرا لأنه يتبع العمر وأصله من أثر مشيه على الأرض فإن من مات لا يبقى له حركة فلا يبقى لقدمه في الأرض أثر و"أو" هنا بمعنى الواو تمنع الخلو وتجيز الجمع وفي الرواية السادسة وروايات البخاري بالواو

(فليصل رحمه) أي فليحسن إلى أقاربه

(لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي) أي فماذا أفعل معهم أأستمر على ما أنا عليه أم أعاملهم بمثل ما يعاملوني به

(لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل) أي كأنما بفعلك هذا تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ولا شيء على هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015