وهذا الجواب بعيد، وخير منه ما ذكره الحافظ ابن حجر نفسه في موضع آخر، حيث قال: ظهر لي الآن احتمال آخر، وهو أن يكون المراد بها من خرجت من الأجساد حين خروجها [أي وقبل استقرارها في جنة أو نار] ولا يلزم من رؤية آدم لها وهو في السماء الدنيا أن يفتح لها أبواب السماء، ولا أن تلجها، ويؤيده ما وقع في حديث أبي سعيد عند البيهقي ولفظه "فإذا أنا بآدم، تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين، فيقول: روح طيبة ونفس طيبة، اجعلوها في عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار، فيقول روح خبيثة، اجعلوها في سجين".
وذكرت الروايات يوسف وأنه قد أعطي شطر الحسن [كما في الرواية الأولى] وكما عند البيهقي والطبراني عن أبي هريرة "فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله، قد فضل الناس بالحسن، كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب" ظاهر هذا أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس. لكن روى الترمذي من حديث أنس "ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجها، وأحسنهم صوتا" فعلى هذا يحمل ما جاء في روايتنا الأولى على أن المراد أن يوسف أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم، ويحتمل ما جاء في رواية البيهقي والطبراني على أن المراد غير النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قول من قال: إن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه.
وذكرت إدريس عليه السلام، وعقبت عليه بقوله تعالى: {ورفعناه مكانا عليا}
قال الحافظ ابن حجر: وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية. اهـ.
فالظاهر أن الرفع رفع مكانة، والتنصيص على رفع مكانته لا يمنع رفع مكانة غيره من الأنبياء مثله، أو أرفع منه. والله أعلم.
وذكرت إبراهيم عليه السلام، ففي الرواية الثانية عشرة "أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم" وفي الرواية الثالثة عشرة" ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه، فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم - يعني نفسه صلى الله عليه وسلم" وفي الرواية الرابعة عشرة" ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه وأنا أشبه ولده به".
وفي الرواية الأولى "فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور".
وقد أخرج الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البيت المعمور مسجد في السماء، بحذاء الكعبة، لو خر لخر عليها".
وعن علي أنه سئل عن البيت المعمور، فقال: بيت في السماء، بحيال البيت، وحرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض.
وقد أطنبت الروايات في وصف عيسى عليه السلام، فذكرت الرواية الثامنة "عيسى جعد مربوع" وفي التاسعة "ورأيت عيسى بن مريم مربوع الخلق، إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس" وفي الرواية الثالثة عشرة "ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام، فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة ابن مسعود" وفي الرواية الرابعة عشرة "ولقيت عيسى" فنعته النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو ربعة أحمر، كأنما خرج من