و"حمر النعم" الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه، وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب إلى الأفهام، وإلا فذرة من الآخرة الباقية خير من الأرض بأسرها وأمثالها معها.
(يقول له: خلفه في بعض مغازيه) الجملة ليست مقول القول، وإنما هي تعبير من الراوي عن مقول القول، ومقول القول الأصلي: أخلفك في المدينة في هذه الغزوة.
(خلفتني مع النساء والصبيان)؟ الكلام على سبيل الاستفهام الإنكاري أي لا ينبغي أن تخلفني.
(فتطاولنا لها) وفي الرواية الرابعة "ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، قال: فتساورت لها، رجاء أن أدعى إليها" ومعنى الروايتين واحد، أي رفعنا وجوهنا ورءوسنا، كناية عن التصدي لها.
وفي الرواية الخامسة "فبات الناس يدوكون ليلتهم، أيهم يعطاها"؟ قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ والروايات "يدوكون" بضم الدال وبالواو، أي يخوضون ويتحدثون في ذلك وفي بعض النسخ "يذكرون" بإسكان الذال وبالراء اهـ أي يذكر كل منهم هذا القول، فيتوقع كل منهم ما يتوقع.
(فقال: ادعوا لي عليا) معطوف على محذوف أي فأصبح فقال إلخ.
(فأتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه) في الرواية الرابعة "فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها" وفي الرواية الخامسة "فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله - يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه" بفتح السين "فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له، فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية" وفي الرواية السادسة "كان علي قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان رمدا فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية - أو ليأخذن بالراية غدا رجل يحب الله ورسوله - أو قال: يحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي، وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية" ولا تعارض بين الروايات، والجمع سهل وبعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر.
(ففتح الله عليه) وقد ذكرنا سير المعركة ونتيجتها عند الكلام عن غزوة خيبر.
(ولما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم}) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: "اللهم هؤلاء أهلي" هذه هي الفضيلة الثالثة لعلي رضي الله عنه في نظر سعد بن أبي وقاص وهي أن عليا من أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اعتبره من أبنائه.
وسيأتي الكلام على آل بيته صلى الله عليه وسلم.
(فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت، حتى يفتح الله عليك، قال، فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ: يا رسول الله! على ماذا أقاتل الناس)؟ قال النووي: هذا الالتفات المنهي عنه يحتمل وجهين. أحدهما أنه على ظاهره، أي لا تلتفت بوجهك يمينا ولا شمالا