عظماء الرجال يسقي بدلو ويخرج ماء من البئر، مثل عمر، وفي الرواية السادسة ورواية البخاري "فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه" "يفري" بفتح الياء وكسر الراء بينهما فاء ساكنة، و"فريه" قال النووي: روي بوجهين، أحدهما بإسكان الراء وتخفيف الياء، والثانية كسر الراء وتشديد الياء، وهما لغتان صحيحتان، وأنكر الخليل التشديد، وقال: هو غلط، واتفقوا على أن معناه: لم أر سيدا يعمل عمله، ويقطع قطعه، وأصل الفري بالإسكان القطع يقال: فريت الشيء أفريه فريا قطعته للإصلاح فهو مفري وفري وأفريته إذا شققته على جهة الإفساد. اهـ.
وفي الرواية الخامسة "فلم أر نزع رجل قط أقوى منه".
(حتى ضرب الناس بعطن) بفتح العين والطاء، وهو الموضع الذي تساق إليه الإبل بعد السقي لتسريح، والمعنى: حتى سقى الناس إبلهم وذهبوا بها إلى مباركها وزووها، وفي الرواية الخامسة "حتى تولى الناس" أي حتى انصرفوا بإبلهم "والحوض ملآن، يتفجر" وكانوا يخرجون الماء من البئر ويصبونه في حوض على حافته، لتشرب الإبل من الحوض، والمراد من تفجر الحوض سيلان الماء من حافته بعد امتلائه.
يقال: ضرب الرجل في الأرض إذا ذهب وأبعد، وضرب الشيء عليه ألزمه إياه، وضرب الشيء بالشيء خلطه به، وفي الرواية السادسة "حتى روي الناس وضربوا العطن" قال النووي قال القاضي: ظاهره أنه عائد إلى خلافة عمر خاصة، وقيل: يعود إلى خلافة أبي بكر وعمر جميعا، لأن بنظرهما وتدبيرهما وقيامهما بمصالح المسلمين تم هذا الأمر، وضرب الناس بعطن لأن أبا بكر قمع أهل الردة، وجمع شمل المسلمين وألفهم وابتدأ الفتوح ومهد الأمور وتمت ثمرات ذلك، وتكاملت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
(دخلت الجنة، فرأيت فيها دارا أو قصرا، فقلت: لمن هذا؟ ) القصر وفي الرواية الثامنة "بينا أنا نائم، إذ رأيتني في الجنة فإذا امرأة توضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا"؟ وفي رواية للبخاري "ورأيت قصرا، بفنائه جارية فقلت: لمن هذا؟ " وفي رواية "لمن هذا القصر"؟ وفي رواية للبخاري "فإذا أنا بالرميضاء امرأة أبي طلحة" وهي أم سليم، والرميضاء صفة لها، لرمض كان بعينها، وقيل: هو اسم أختها، أم حرام، وقيل: اسم أخت أم سليم من الرضاعة، وجوز ابن التين أن يكون المراد امرأة أخرى لأبي طلحة وفي رواية للبخاري "وسمعت خشفة" بفتح الخاء والشين والفاء، أي حركة أو صوتا خفيفا "فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال" قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن المخاطب بقوله "لمن هذا؟ " جبريل أو غيره من الملائكة.
وقوله "تتوضأ" يحتمل أن يكون على ظاهره، ولا ينكر كونها تتوضأ حقيقة، لأن الرؤيا وقعت في زمن التكليف، والجنة وإن كان لا تكليف فيها، فذاك في زمن الاستقرار، بل ظاهر قوله "تتوضأ إلى جانب قصر" أنها تتوضأ خارجة منه، أو هو على غير الحقيقة، ورؤيا المنام لا تحمل دائما على الحقيقة، بل تحتمل التأويل، فيكون معنى قوله "تتوضأ" أنها تحافظ في الدنيا على العبادة أو المراد بقوله "تتوضأ" أي تستعمل الماء، لأجل الوضاءة، على مدلوله اللغوي قال الحافظ ابن حجر: وزعم ابن قتيبة والخطابي أن قوله "تتوضأ" تصحيف وتغيير من الناسخ وإنما الصواب "امرأة شوهاء"