وقيل: أراد من "نحن" أمته الذين يجوز عليهم الشك، وأخرج نفسه من ضمير المتكلمين، بدليل العصمة.
وقيل: معناه: أن هذا الذي ترون أنه شك، أنا أولى به، لما عانيت من تكذيب قومي، وردهم علي، وتعجبهم، من أمر البعث، فكأنه قال: أنا أحق من أن أسأل ما سأل إبراهيم، لعظيم ما جرى لي مع قومي المنكرين لإحياء الموتى، ولمعرفتي بتفضيل الله لي ولكن لا أسأل في ذلك.
وحكى بعض علماء العربية أن "أفعل" ربما جاءت لنفي المعنى عن الشيئين، نحو قوله تعالى {أهم خير أم قوم تبع} [الدخان: 37]؟ أي لا خير فيهما، وعلى هذا فمعنى قوله "نحن أحق بالشك من إبراهيم" لا شك عندنا جميعا.
والاستفهام في قوله {أولم تؤمن} للتقرير، لأنه طلب الكيفية، وهو مشعر بالتصديق بالإحياء.
(ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد) وفي ملحق الرواية "يغفر الله للوط، إنه أوى إلى ركن شديد" أي إلى الله تعالى، يشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى {قال لو أن لي بكم قوة أو ءاوي إلى ركن شديد} [هود: 80] يدافع عن لوط عليه السلام، فقد قيل: لما نزلت الآية قال بعضهم: اعتمد لوط على العشيرة، ولم يكن له عشيرة، فتحسر، ولم يعتمد على الله تعالى، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن المراد بالركن الشديد في الآية الله تعالى، قال الحافظ ابن حجر: ويقال إن قوم لوط لم يكن فيهم أحد يجتمع معه في نسبه، فقال: لو أن لي منعة وأقارب وعشيرة، لكنت أستنصر بهم عليكم، ليدفعوا عن ضيفاني أي ولكني آوي إلى الله. ولهذا جاء في بعض طرق هذا الحديث عند أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وقال لوط: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد. قال: فإنه كان يأوي إلى ركن شديد، ولكنه عنى - بالقوة - عشيرته، فما بعث الله نبيا إلا في ذروة من قومه" زاد ابن مردويه ألم تر إلى قول قوم شعيب {ولولا رهطك لرجمناك} [هود: 91] فالمراد من الركن الشديد الله، و"أو" هنا بمعنى "بل" التي للإضراب الإبطالي، وقيل: المراد بالركن الشديد في الآية عشيرته، لكنه لم يأو إليهم وأوى إلى الله، وقال النووي: يجوز أنه لما اندهش بحال الأضياف قال ذلك - مريدا عشيرته ونسي الالتجاء إلى الله تعالى - أو التجأ إلى الله في باطنه، وأظهر هذا القول للأضياف اعتذارا، وسمى العشيرة ركنا، لأن الركن يستند إليه، ويمتنع به، فشبههم بالركن من الجبل، لشدتهم ومنعتهم.
(ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي) في رواية البخاري "ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته" يدافع صلى الله عليه وسلم عن يوسف عليه السلام، في قوله لصاحب السجن {اذكرني عند ربك} فقد قيل: إنه تبرم بالقضاء، ولجأ إلى وساطة الخلق عند الخلق، فأشار إلى أنه عليه السلام كان مثالا للصبر والرضا بالقضاء، فقد سجن مظلوما، ورضي، وطال سجنه، ورضي، بل بعد أن طال سجنه وعز مقداره، وأتاه رسول الملك ليخرجه من السجن، لم يبادر بالخروج، بل قال له: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} [يوسف: 50]، ولم يخرج حتى ثبتت براءته، ولو كان غيره قد طال به السجن ظلما لأسرع إلى إجابة الداعي بالخروج، فوصفه صلى الله عليه وسلم بشدة الصبر، وقال عن نفسه ما قال تواضعا.