على أبي هريرة وعند ابن حبان مرفوعا "أن إبراهيم اختتن وهو ابن مائة وعشرين سنة" قال الحافظ ابن حجر: والظاهر أنه سقط من المتن شيء، فإن هذا القدر هو مقدار عمره، ووقع مثل ذلك عند أبي الشيخ، وزاد "وعاش بعد ذلك ثمانين سنة" فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة، وجمع بعضهم بأن الأول حسب من مبدأ نبوته، والثاني من مبدأ مولده. والله أعلم.
(بالقدوم) روي بتشديد الدال، وروي بتخفيفها، قال النووي: لم يختلف الرواة عند مسلم في التخفيف، وأنكر يعقوب بن شيبة التشديد أصلا، واختلف في المراد به، فقيل: هو اسم مكان، أي اختتن في مكان يدعى القدوم، وقيل: هي قرية بالشام، وقيل: اسم آلة النجار، فعلى الثاني هو بالتخفيف لا غير، وعلى الأول ففيه اللغتان. هذا قول الأكثر، وعكسه الداودي، وقد أنكر ابن السكيت التشديد في الآلة، والراجح أن المراد في الحديث الآلة، فقد روى أبو يعلى "أمر إبراهيم بالختان، فاختتن بقدوم، فاشتد عليه، فأوحي إليه: أن عجلت قبل أن نأمرك بآلتك، فقال: يا رب. كرهت أن أؤخر أمرك".
(نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}) اختلف السلف في المراد بالشك هنا.
فحمله بعضهم على ظاهره - أي مساواة الوقوع واللاوقوع - ثم اختلفوا فقال بعضهم: كان قبل النبوة وقال بعضهم: كان ذلك بعد النبوة، وسببه حصول وسوسة الشيطان، لكنها لم تستقر، ولم تزلزل الإيمان الثابت، واستندوا في ذلك إلى ما أخرجه الطبري وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "هذا لما يعرض في الصدور، ويوسوس به الشيطان، فرضي الله من إبراهيم عليه السلام بأن قال: بلى" وإلى ذلك جنح عطاء، حيث سأله ابن جريج عن هذه الآية، فقال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس، فقال ذلك.
وروى الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة توزعتها الدواب والسباع.
وفي رواية عن ابن جريج قال: بلغني أن إبراهيم أتى على جيفة حمار، مزقتها السباع والطير، فعجب وقال: رب لقد علمت لتجمعنها، ولكن رب أرني كيف تحيي الموتى؟
وذهب آخرون إلى تأويل ذلك، واختلفوا:
فقال بعضهم: إن المراد من الشك المنفي الخواطر التي لا تثبت، وأما الشك المصطلح، وهو التوقف بين الأمرين من غير مزية لأحدهما على الآخر، فهو منفي عن الخليل قطعا، لأنه يبعد وقوعه ممن رسخ الإيمان في قلبه، فكيف بمن بلغ رتبة النبوة؟
وقال بعضهم: إن الآية تدل على أن إبراهيم مؤمن يقينا بالبعث، لأن السؤال بكيف سؤال عن حال شيء موجود مقرر عند السائل والمسئول، كما تقول: كيف علم فلان؟ فكيف في الآية سؤال عن هيئة الإحياء، لا عن نفس الإحياء، فإنه ثابت مقرر.
وقال بعضهم: إن السؤال عن كيفية إحياء الموتى ليس لشك فيه، ولكن إبراهيم طلب من ربه كعلامة على رضاه جل شأنه عليه، كما طلب زكريا آية على تحقق البشرى، فروى الطبري وابن أبي