ربه، ومن تلك المعجزات الحسية حنين الجذع الذي كان يخطب عليه، وتسبيح الحصى في يده، وتكليم الذراع المسمومة في غزوة خيبر، وتكثير الطعام ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم، وقد تعرضنا لهذه المعجزة في كتاب الأطعمة والأشربة، باب الضيف يستتبعه غيره واستحباب الاجتماع على الطعام، كما تعرضنا لفوران عين الحديبية بعد أن نضب ماؤها.
وهذا باب يتعرض لنبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وفوران عين تبوك لسد حاجة المسلمين، ومعجزات مادية أخرى، صلى الله عليه وسلم.
-[المباحث العربية]-
(أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء) بينت الرواية الثانية سبب الحاجة إلى الماء، في هذه الحادثة، ففيها "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء (بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به) فلم يجدوه، وبينت الرواية الثالثة مكان هذه الحادثة، وفيها "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزوراء) قال الراوي: والزوراء بالمدينة عند السوق والمسجد فيما ثمه.
قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ "ثمة" قال أهل اللغة "ثم" بفتح الثاء، و"ثمة" بالهاء بمعنى هناك، وهنا، فثم للبعيد، وثمة للقريب، اهـ. والزوراء مكان معروف بالمدينة، عند السوق.
(فأتي بقدح رحراح) "أتي" بضم الهمزة، مبني للمجهول والرحراح بفتح الراء، وإسكان الحاء، ويقال له: رحرح، بحذف الألف، وهو الواسع القصير الجدار، وفي الرواية الثانية "فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء (بفتح الواو، أي بماء) وفي ملحق الرواية الثالثة "فأتي بإناء ماء، لا يغمر أصابعه، أو قدر ما يواري أصابعه" وعند أبي نعيم عن أنس أنه هو الذي أحضر الماء، وأنه أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بيت أم سلمة، وأنه رده بعد فراغهم إلى أم سلمة، وفيه قدر ما كان فيه أولا.
(فجعل القوم يتوضئون) في الكلام طي، والفاء عاطفة على محذوف، بينته الرواية الثانية، وفيها "فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضئوا منه".
(فحرزت ما بين الستين إلى الثمانين) أي فقدرت العدد ما بين الستين إلى الثمانين، وفي الرواية الثالثة "فتوضأ جميع أصحابه، قال: قلت: كم كانوا يا أبا حمزة؟ قال: كانوا زهاء الثلاثمائة" قال النووي: قال العلماء: هما قضيتان، جرتا في وقتين، ورواهما أنس، اهـ. ويحتمل أن تكون قضية واحدة، وأنه أخذ يعد حتى وصل إلى الثمانين، وترك العد منشغلا بالنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه، فلما سئل عن عدد القوم قدرهم بثلاثمائة "وزهاء" بضم الزاي، وبالمد، أي قدر ثلثمائة، مأخوذ من زهوت الشيء إذا حصرته، وهي تفيد تقريب العدد، لا تحديده، وفي رواية بالتحديد، "قال: ثلاثمائة" بدون "زهاء" قال النووي: "الثلاثمائة" بالألف واللام. هكذا هو في جميع النسخ وهو صحيح.
(فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه) "ينبع" بضم الباء وفتحها وكسرها،