ويكون ذلك المثال حقا في كونه واسطة في التعريف، فقول الرائي: رأيت الله تعالى في المنام لا يعني أنه رأى ذات الله تعالى، كما يقول في حق غيره.
وقال أبو قاسم القشيري ما حاصله: إن رؤياه على غير صفته لا تستلزم إلا أن يكون هو: فإنه لو رأى الله على وصف يتعالى عنه، وهو يعتقد أنه منزه عن ذلك لا يقدح في رؤيته، بل يكون لتلك الرؤيا ضرب من التأويل، كما قال الواسطي: من رأى ربه على صورة شيخ، كان إشارة إلى وقار الرائي، وغير ذلك.
12 - ومن الرواية الثامنة عشرة، من سؤال أبي بكر أن يعبر الرؤيا، وموافقة الرسول صلى الله عليه وسلم جواز إظهار العالم ما يحسن من العلم، إذا خلصت نيته، وأمن العجب.
13 - وجواز كلام العالم بالعلم بحضرة من هو أعلم منه، إذا أذن له في ذلك صريحا، أو ما قام مقام الصريح.
14 - ويؤخذ منه جواز مثله في الإفتاء والحكم.
15 - وأن للتلميذ أن يقسم على معلمه.
16 - ومن قوله "لا تقسم" وعدم إجابة أبي بكر ببيان ما أخطأ فيه، أنه لا يستحب إبرار القسم، إذا كان فيه مفسدة أو مشقة ظاهرة، قال النووي: هذا الحديث دليل لما قاله العلماء، أن إبرار القسم المأمور به في الأحاديث الصحيحة، إنما هو إذا لم تكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة، فإن كان لم يؤمر بالإبرار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر، لما رأى في إبراره من المفسدة، ولعل المفسدة ما علمه من سبب انقطاع السبب مع عثمان رضي الله عنه، وهو قتله، وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه، فكره ذلك مخافة من شيوعها، أو أن المفسدة إنكاره عليه مبادرته، وتوبيخه بين الناس. 17 - قال القاضي: وفيه أن من قال: أقسم، لا كفارة عليه، لأن أبا بكر لم يزد على قوله: أقسم. قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي عجب، فإن الذي في جميع نسخ صحيح مسلم أنه قال: "فوالله يا رسول الله لتحدثني. ما الذي أخطأت" وهذا صريح يمين.
18 - وفيه الحث على تعليم علم الرؤيا.
19 - وعلى تعبيرها، وفضيلتها، لما تشتمل عليه من الاطلاع على بعض الغيب وأسرار الكائنات.
20 - قال أبو هبيرة: وفي السؤال من أبي بكر، أولا وآخرا، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم دلالة على انبساط أبي بكر معه، وإدلاله عليه.
21 - وفيه أنه لا يعبر الرؤيا إلا عالم ناصح أمين حبيب.
22 - وفيه أن للعالم بالتعبير أن يسكت عن تعبير الرؤيا، أو بعضها، عند رجحان الكتمان على الذكر.
23 - وفيه أن العابر قد يخطئ وقد يصيب.