أما رؤيا غير الأنبياء فهي على قسمين: صادقة وهي التي تقع في اليقظة على وفق ما وقعت في النوم، وهي كثيرة من الصالحين، قليلة أو نادرة من غيرهم، سواء احتاجت إلى تأويل، أم لم تحتج إلى تأويل ورؤيا ملك مصر للبقرات ورؤيا صاحبي السجن، وهم من عبدة آلهة متفرقين خير دليل.
القسم الثاني الأضغاث، وهي التي لا تنذر ولا تبشر بشيء، أي لا توحي بالوقوع في اليقظة وهي أنواع:
الأول: تلاعب الشيطان، ليحزن الرائي، أو يخيفه، أو يشغله، كأن يرى أنه قطع رأسه وهو يتبعه وكأن يرى أنه واقع في هول ولا يجد من ينقذه ونحو ذلك.
الثاني: أن يرى أمرا محالا عقلا أو شرعا كمن يرى ملكا يأمره بالزنا.
الثالث: أن يرى ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه من الرغبات المكبوتة.
الرابع: أن يرى ما جرت به عادته في اليقظة، أو ما يغلب على مزاجه فالجزار يرى الحيوانات واللحوم والقطع والوزن والبيع والشراء والطبيب يرى الأمراض والمرض والشفاء والفلاح يرى الحرث والزرع والحصاد. وهكذا.
على أن بعض ما يظن أنه أضغاث أحلام قد يئول، ويكون من الرؤيا الصادقة، فقد قال النووي: العابرون يتكلمون في كتبهم على قطع الرأس ويجعلونه دلالة على مفارقة الرائي ما هو فيه من النعم، أو مفارقة من فوقه، أو يزول سلطانه، أو يتغير حاله في جميع أموره، إلا أن يكون عبدا فيدل على عتقه، أو مريضا فيدل على شفائه، أو مديونا فيدل على قضاء دينه، أو من لم يحج فيدل على أنه يحج، أو مغموما فيدل على الفرج، أو خائفا فيدل على أمنه، اهـ.
ومن هذا نرى أن الرؤيا الواحدة يختلف تأويلها من شخص إلى شخص، ومن حال إلى حال وأكثر التأويل يعتمد على الربط بين الرؤيا وتعبيرها بنوع رباط، فهو يعتمد على أنها إشارة إلى شيء من صفات المرئي ومتعلقاته وارجع إلى ما فسرنا به القيد والغل، والسمن والعسل والظلة والسوارين ونفخهما وطيرانهما وغير ذلك في المباحث العربية، ليظهر لك ما نقول.
ثم إن تعبير الرؤيا يعتمد على كثير من ذكاء المئول وعلمه وخبرته وحبه للرائي، كما سيأتي.
-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-
1 - من الروايات الخمس الأولى نسبة أمور الشر إلى الشيطان.
2 - إذا رأى ما يكره نفث عن يساره ثلاثا.
3 - واستعاذ من الشيطان الرجيم، ومن شرها.
4 - وتحول من جنبه إلى جنبه الآخر.
5 - وصلى ركعتين ففي كل ذلك طرد للشيطان وتحقير له، وتغيير من حال إلى حال وتوكل على الله، فإنه بذلك يسلم من شرها بإذن الله، وقد جعل الله ذلك سببا لسلامته منها، كما جعل الصدقة