تبعاً للآخر، أو خص أحدهما بخطاب المشافهة، دون الآخر، ويحتمل أن الراوي كان يشك فيه، فيقول مرة "رجل" ومرة "رجلان" فحيث أفرد ذكر الأصل، وحيث ثنى ذكر الصورة.
(وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد) في رواية "وكان بيتها في دار أسامة بن زيد" أي الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد، لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة، بحيث تسكن فيها صفية. قاله الحافظ ابن حجر.
(هذه زوجتي فلانة) قال النووي: هكذا في جميع النسخ، بالتاء قبل الياء "زوجتي" وهي لغة صحيحة، وإن كان الأشهر حذف التاء، وبالحذف جاءت آيات القرآن. اهـ وفي الرواية الخامسة "إنها صفية بنت حيي" وفي رواية "هذه صفية بنت حيي" وفي رواية "إنما هي صفية بنت حيي" و"حيي" بضم الحاء وفتح الياء الأولى -مصغراً، ابن أخطب، كان أبوها رئيس خيبر، وكانت صفية في السبي، فجاء دحية إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أعطني يا رسول الله جارية من السبي، فقال له: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية. فجاء رجل، فقال: يا نبي الله، أعطيت دحية صفية؟ سيدة قريظة والنضير؟ لا تصلح إلا لك. قال: ادعوه بها، فجاء بها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: خذ جارية من السبي غيرها، وأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجها.
(فقال: يا رسول الله، من كنت أظن به؟ فلم أكن أظن بك) الاستفهام إنكاري، بمعنى النفي، أي لم أكن أظن بأحد سوءاً، فمن باب أولى لم أكن أظن بك سوءاً، وفي الرواية الخامسة "فقالا: سبحان الله يا رسول الله! " تنزيه الله عن النقائص، كلمة تقال عند التعجب، زاد في رواية البخاري "وكبر عليهما" زاد في الأدب المفرد "وكبر عليهما ما قال" وفي رواية "يا رسول الله، هل نظن بك إلا خيراً"؟ .
(إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) وفي ملحق الرواية السادسة "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم" وفي رواية "ما أقول لكما هذا أن تكونا تظنان شراً، لكن قد علمت أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" والمراد من ابن آدم جنس أولاد آدم، فيدخل فيه الرجال والنساء.
وجريان الشيطان من ابن آدم مجرى الدم، قيل: هو على ظاهره، وأن الله تعالى أقدره على ذلك وجعل له قوة على التوصل إلى باطن الإنسان، وقيل: هو على سبيل الاستعارة، من كثرة إغوائه، وكأنه لا يفارق كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة، أي إن وسوسته تصل في مسام البدن سريان الدم في البدن.
(وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً -أو قال: شيئاً) وفي رواية "إني خفت أن يدخل عليكما شيئاً" قال الحافظ ابن حجر: والمحصل من هذه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسبهما إلى أنهما يظنان به سوءاً، لما تقرر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك، لأنهما غير معصومين، فقد يفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما، حسماً للمادة، وتعليماً لمن بعدهما، إذا وقع له مثل ذلك، وقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة، فسأله عن هذا الحديث؟ فقال