التحرير: روي أيضاً "أعرستم" بفتح العين وتشديد الراء، قال: وهي لغة، يقال: عرس بمعنى أعرس، قال: لكن قال أهل اللغة: "أعرس" أفصح من "عرس" في هذا.
قال النووي: وهذا السؤال للتعجب من صنيعها، وصبرها، وسروراً بحسن رضاها بقضاء الله تعالى، ثم دعا صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في ليلتها، فاستجاب الله تعالى ذلك الدعاء، وحملت بعبد الله بن أبي طلحة، وجاء من أولاد عبد الله إسحق وإخوته التسعة صالحين علماء.
(خرجت أسماء بنت أبي بكر، حين هاجرت، وهي حبلى بعبد الله بن الزبير) أخت عائشة لأبيها، وأمها قتيلة بنت عبد العزى، قرشية من بني عامر بن لؤي، ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، أسلمت قديماً، قيل: بعد سبعة عشر، وتزوجها الزبير بن العوام، وهي المعروفة بذات النطاقين، وفي الصحيح عنها، قالت: "تزوجني الزبير، وما له في الأرض مال، ولا مملوك، ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤنته، وأسومه، وأدق النوى لناضحه، وكنت أنقل النوى على رأسي من أرض الزبير .... " خرج الزبير إلى الشام قبيل هجرتها، وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، تقول في الرواية الخامسة "حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، فخرجت وأنا متم" أي وأنا متممة فترة الحمل، تسعة أشهر، وكانت هجرتها في السنة الأولى.
(فقدمت قباء، فنفست بعبد الله بقباء) في الرواية الخامسة "فأتيت المدينة، فنزلت بقباء" أي فقاربت المدينة، وأشرفت عليها، و"نفست" بضم النون وكسر الفاء وسكون السين، أي أصابني النفاس والوضع.
(ثم خرجت حين نفست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليحنكه) في ملحق الرواية الخامسة "أنها هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي حبلى بعبد الله بن الزبير" أي بدأت الهجرة من مكة، وهي حبلى، ووضعت في قباء، وتوجهت إلى المدينة، فنزلت هي وأختها عائشة وغيرهما ممن هاجر معهما من آل الصديق، فقد ذكر ابن إسحق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة بعث زيد بن حارثة، فأحضر زوجته سودة بنت زمعة وبنته فاطمة وأم كلثوم وأم أيمن، زوج زيد بن حارثة، وابنها أسامة وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر، ومعه أمه أم رومان، وأختاه عائشة وأسماء، فقدموا والنبي صلى الله عليه وسلم يبني مسجده على أبيها أبي بكر، والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي انتقل إلى بيت أبي بكر، فالمراد من خروجها إليه خروجها من حجرتها إلى حجرته، لأن البحث عن تمرة كان في بيت أبي بكر، لأن عائشة لم تكن تزوجت بعد وما كان لها أن تبحث عن تمرة في بيت سودة وفي رواية البخاري "فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته في حجره" وفي رواية أخرى له "أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم" فيحتمل أن يكون مع أمه آخرون.
(ثم دعا بتمرة، قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها قبل أن نجدها) أي لعدم وجود التمر، بسبب شدة الحاجة.
(فمضغها، ثم بصقها في فيه) في الرواية الخامسة "فمضغها، ثم تفل في فيه" أي تفل وبصق على إصبعه بالتمرة، ثم أدخلها في فم الطفل، ويحتمل أنه وضع فمه صلى الله عليه وسلم على فم الطفل، ثم دفع التمرة الممضوغة.