(لعن الله الواصلة والمستوصلة) الجملة خبرية لفظاً ومعنى، وهو صريح في حكاية ذلك عن الله تعالى، وتحمل عليه الروايات الأخرى، ويستغنى بذلك عن استنباط ابن مسعود في الرواية السادسة، أو خبرية لفظاً دعائية معنى، والأول أولى، واللعن الطرد من رحمة الله، أو الإبعاد من الخير، أو العذاب، والمراد من الواصلة هنا، التي تصل شعر الرأس، سواء كان لنفسها أو لغيرها، والمستوصلة التي تطلب فعل ذلك لنفسها، ويفعل بها، فالسين والتاء للطلب، وفي رواية النسائي "والموتصلة" وفي رواية "والموصولة" وفي الرواية السابعة "زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها -أي بشعر رأسها شيئاً".
(والواشمة والمستوشمة) المراد من الواشمة التي تفعل الوشم، سواء كان لنفسها أم لغيرها، والمستوشمة التي تطلب فعل ذلك لنفسها، ويفعل بها، وفي الرواية السادسة "الواشمات والمستوشمات" بالجمع، وفي ملحقها "الواشمات والموشمات" والوشم بفتح الواو، وسكون الشين أن يغرز في العضو إبرة أو نحوها، حتى يسيل الدم، ثم يحشى بنورة أو غيرها، فيخضر، وقال أبو داود في السنن: الواشمة التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد. اهـ قال الحافظ ابن حجر: وذكر الوجه للغالب، وليس قيداً، وأكثر ما يكون في الشفة، وقد يكون في اللثة، أي اللحم الذي فوق الأسنان، وقد يكون في اليد أو غيرها من الجسد، وقد يكون نقشاً، وقد يجعل دوائر، وقد يكتب اسم المحبوب، أو اسم الشخص نفسه، أو صوراً ورموزاً.
(والنامصات والمتنمصات) النامصة هي التي تزيل الشعر من الوجه، لنفسها، أو لغيرها، والمتنمصة هي التي تطلب ذلك لنفسها، ويفعل بها، أو التي تتكلف ذلك، وحكى ابن الجوزي "متمنصة" بتقديم الميم على النون، والنماص إزالة شعر الوجه بالمنقاش -الملقاط- ويقال: إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين، لترقيقهما، أو تسويتهما، قال أبو داود في السنن: النامصة التي تنقص الحاجب حتى ترقه.
(والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله) "المتفلجات" جمع متفلجة، وهي التي تطلب الفلج لنفسها، ويفعل بها، أو تصنعه لنفسها، وتتكلفه، والفلج انفراج ما بين الثنيتين، والتفلج أن يفرد بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه، وهو مختص عادة بالثنايا، والرباعيات، ويستحسن من المرأة تصنعه من تكون أسنانها متلاصقة لتكون مفلجة حسنة، وقد تفعله كبيرة السن، لتبدو صغيرة، لأن الصغيرة غالباً تكون مفلجة، جديدة السن، ويذهب ذلك في الكبر، وتحديد الأسنان، وتسويتها من أعلى يسمى الوشر، وقد ثبت النهي عنه أيضاً.
واللام في "للحسن" للتعليل، أي لأجل الحسن والتجمل، وهل يتعلق ذلك بالواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات، على سبيل التنازع؟ أو يتعلق بالمتفلجات؟ احتمالان، ويفهم منه أن الذم خاص بمن فعل ذلك للحسن، دون من احتاجت إلى ذلك لسبب آخر. وسيأتي توضيح ذلك في فقه الحديث.