ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه وذكره.
5 - ومن الرواية الثانية النهي عن الضرب في الوجه، في كل الحيوان المحترم، كالحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها، وفي وجه الآدمي أشد، لأن الوجه مجمع المحاسن، وبشرته لطيفة رقيقة، يظهر فيها أثر الضرب غالباً، وربما عابه.
6 - ومن الروايات الثانية والثالثة والرابعة النهي عن الوسم في الوجه بالإجماع، قال النووي: أما الآدمي فوسمه حرام، لكرامته، ولأنه لا حاجة إليه، فلا يجوز تعذيبه بدون مصلحة، وأما غير الآدمي فقال جماعة من أصحابنا: يكره، وقال البغوي من أصحابنا: لا يجوز، فأشار بذلك إلى تحريمه، وهو الأظهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله [في روايتنا الثالثة] واللعن يقتضي التحريم. قال: وأما الوسم في غير الوجه من غير الآدمي فجائز عندنا بلا خلاف، لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية -لكثرتها وخشية اختلاطها وضياعها- ولا يستحب في غيرها، ولا ينهي عنه. اهـ
ثم قال: وإذا وسم غير الآدمي فيستحب أن يسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها، لأنه موضع صلب، فيقل الألم فيه، ويخف شعره، ويظهر الوسم.
قال: وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه عن بعض، قال الشافعي وأصحابه: يستحب كون الميسم للغنم ألطف من ميسم البقر وميسم البقر ألطف من ميسم الإبل.
ثم قال: وهذا الذي قلناه مذهبنا ومذهب الجماهير، وقال أبو حنيفة: هو مكروه، لأنه تعذيب ومثله، وقد نهى عن المثلة، وحجة الجمهور هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي ذكرها مسلم، وآثار كثيرة عن عمر وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- ولأنها ربما شردت، فيعرفها واجدها بعلامتها، فيردها، والجواب عن النهي عن المثلة والتعذيب أنه عام، وحديث الوسم خاص، فوجب تقديمه. اهـ
7 - ومن الوسم في الآذان، مع النهي عن الوسم في الوجه، أن الآذن ليست من الوجه.
8 - وفي الأحاديث جواز وسم البهائم بالكي، وخالف الحنفية، تمسكاً بعموم النهي عن التعذيب بالنار.
9 - وأنه ليس في فعله دناءة، ولا ترك مروءة، فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
10 - وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من التواضع، وفعل الأشغال بيده.
11 - ونظره في مصالح المسلمين، والاحتياط في حفظ مواشيهم بالوسم وغيره.
12 - واستحباب تحنيك المولود.
13 - وحمل المولود عند ولادته إلى واحد من أهل الصلاح والفضل، يحنكه بتمرة، ليكون أول ما يدخل في جوفه ريق الصالحين، فيتبرك به.
والله أعلم