-[المباحث العربية]-
(أتي بأبي قحافة -أو جاء- عام الفتح -أو يوم الفتح) أبو قحافة، بضم القاف، وتخفيف الحاء، والد أبي بكر، واسمه عثمان، أسلم يوم فتح مكة، وعند أحمد "جاء أبو بكر بأبيه أبي قحافة، يوم فتح مكة، يحمله، حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم ... " وروى ابن إسحق في المغازي بإسناد صحيح، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: لما كان عام الفتح، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم ذا طوى، قال أبو قحافة لابنة له، كانت من أصغر ولده: أي بنية. أشرفي بي على أبي القبيس، وكان قد كف بصره، فأشرفت به عليه ... فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، خرج أبو بكر، حتى جاء بأبيه، يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلا تركت الشيخ في بيته؟ حتى آتيه؟ فقال: يمشي هو إليك يا رسول الله، أحق من أن تمشي إليه، وأحله بين يديه، ثم مسح على صدره، فقال: أسلم تسلم ... " مات أبو قحافة سنة أربع عشرة، وله سبع وتسعون سنة.
(ورأسه ولحيته مثل الثغام أو الثغامة) بالثاء المفتوحة، بعدها غين مخففة، وهو نبت، زهره وثمره أبيض، ولكثرته يظن الرائي أن الشجرة كلها بيضاء، قال ابن الأعرابي: الثغامة شجرة تبيض، كأنها الملح. اهـ شبه شيب الرأس بهذا النبت لشدة البياض، مع التناثر وعدم الترجيل.
(فأمر -أو فأمر- به إلى نسائه، قال: غيروا هذا بشيء) أي أمر أبا بكر بمصاحبته إلى نسائه -نساء أبي قحافة، فقال: خذوه فغيروا هذا البياض بشيء من الأصباغ، وفي الرواية الثانية "واجتنبوا السواد" زاد الطبري "فذهبوا به فحمروه".
(إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم) أي واصبغوا، والمفعول محذوف، أي شعر الرأس واللحية، يقال: صبغ بفتح الباء يصبغ بضمها وفتحها، إذا غير اللون بصابغ، وخضب بفتح الضاد، يخضب بكسرها، خضباً بسكونها وخضوباً، إذا لون.
وعند أحمد "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار، بيض لحاهم، فقال: يا معشر الأنصار. حمروا، وصفروا، وخالفوا أهل الكتاب" وفي الكبير للطبراني "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتغيير الشعر مخالفة للأعاجم" وفي رواية لمسلم "غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود" وعند الترمذي وصححه "إن خير ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم".
-[فقه الحديث]-
قال النووي: مذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة، بصفرة أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح، وقيل: يكره كراهة تنزيه، والمختار التحريم، لقوله صلى الله عليه وسلم -في روايتنا الثانية "واجتنبوا السواد" هذا مذهبنا، وقال القاضي: اختلف السلف من الصحابة والتابعين في الخضاب وفي جنسه، فقال بعضهم: ترك الخضاب أفضل، ورووا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي