4813 - عن جابر رضي الله عنه قال: أتي بأبي قحافة -أو جاء عام الفتح أو يوم الفتح -ورأسه ولحيته مثل الثغام أو الثغامة. فأمر أو فأمر به إلى نسائه قال: "غيروا هذا بشيء".
4814 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد".
4815 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم".
-[المعنى العام]-
جاء الإسلام والناس لا يصبغون شعورهم عند الشيب، لا شعر الرأس، ولا شعر اللحية، ربما كانت النساء تصبغ شعر رأسها عند المشيب بالحنا والعصفر والزعفران والكتم، الأصباغ المتاحة في كل بيئة، لكن الرجال يهوداً ونصارى ومشركين وأعاجم لم يكونوا يصبغون، وكانت شعور رءوسهم وفيرة، تتدلى، وتسدل، وتفرق، وتضفر، وتنقص، وتطول، كما هو حال النساء اليوم في بلادنا، وكانوا يطيلون لحاهم وشواربهم، أعراف وعادات في الصورة والمظهر، كأعراف اللباس وعاداته، ولما قامت الحروب بين المسلمين والكفار، وكان الرجل يسلم فيخرج في جيش المسلمين، وكانت الجيوش تتداخل حين القتال، فلا يكاد يعرف المسلم من غير المسلم، فربما ضرب المسلم أخاه، ولا تكفي العلامات التي قد تقلد خداعاً، هنا احتاج الإسلام إلى علامة مميزة للمسلم، مما لا يقبل غيره أن يقلدها، فأمر بإحفاء الشارب، كما سبق حديثه في كتاب الطهارة، باب الفطرة، وبني هذا الأمر على مخالفة اليهود والنصارى والمشركين، وهم يعتزون بشواربهم اعتزازهم برجولتهم.
وفي هذه الأحاديث يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بعلامة أخرى، لا يقبلها، ولا يقلدها أعداؤهم، لأنها -من وجهة نظرهم- من عادات النساء، فيقول لهم: إن اليهود والنصارى والكافرين والأعاجم لا يصبغون شعر رأسهم ولا شعر لحاهم، فخالفوهم واصبغوا، واستجاب الصحابة للأمر، فلما لم تعد حاجة إلى هذه العلامة كان من شاء منهم صبغ، ومن شاء لم يصبغ، من شاء تمسك بظاهر الأمر، ومن شاء عمل بالحكمة والهدف، فرضي الله عنهم أجمعين.