(أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير) قال النووي: "أكيدر دومة" بضم الدال وفتحها لغتان مشهورتان، وزعم ابن وريد أنه لا يجوز إلا الضم، وأن المحدثين يفتحونها، وأنهم غالطون في ذلك. وليس كما قال، بل هما لغتان مشهورتان، قال الجوهري: أهل الحديث يقولونها بالضم، وأهل اللغة يفتحونها، ويقال لها أيضاً "دوماً" وهي مدينة، لها حصن عادي، وهي في برية، في أرض نخل وزرع، يسقون بالنواضح، وحولها عيون قليلة، وغالب زرعهم الشعير، وهي تبعد عن المدينة على نحو ثلاث عشرة مرحلة، وعن دمشق على نحو عشر مراحل، وعن الكوفة على قدر عشر مراحل أيضاً. قال: وأما "أكيدر" فهو بضم الهمزة وفتح الكاف وهو أكيدر بن عبد الملك الكندي، كان نصرانياً، ثم أسلم، وقيل: مات نصرانياً، وقال ابن منده وأبو نعيم الأصبهاني في كتابيهما في معرفة الصحابة: إن أكيدرا هذا أسلم، وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، قال ابن الأثير: أما الهدية والمصالحة فصحيحان، وأما الإسلام فغلط، قال: لأنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير، ومن قال: أسلم فقد أخطأ خطأ فاحشاً، قال: وكان أكيدر نصرانياً، فلما صالحه النبي صلى الله عليه وسلم عاد إلى حصنه، وبقي فيه، ثم حاصره خالد بن الوليد في زمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقتله مشركاً نصرانياً، يعني لنقضه العهد، وذكر البلاذري أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى دومة فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد أكيدر، فلما سار خالد من العراق إلى الشام قتله، وعلى هذا القول لا ينبغي عده في الصحابة. هذا كلام ابن الأثير. والله أعلم.

(رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في القمص الحرير، في السفر، من حكة كانت بهما، أو وجع كان بهما) وفي الرواية السادسة والعشرين "في لبس الحرير" وفي السابعة والعشرين "شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل، فرخص لهما في قمص الحرير، في غزاة لهما" "الحكة" بكسر الحاء وتشديد الكاف، نوع من الجرب، وذكر الحكة مثالاً، لا قيداً، وترجم له البخاري في كتاب الجهاد بباب الحرير في الحرب، لقوله "في غزاة لهما" وترجم له في اللباس بباب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة، ولم يقيده بالحرب، فزعم بعضهم أن "الحرب" في الترجمة بالجيم وفتح الراء، وليس كما زعم، لأنها لا يبقى لها في أبواب الجهاد مناسبة، ويلزم منه إعادة الترجمة في اللباس، إذ الحكة والجرب متقاربان.

-[فقه الحديث]-

هذه الأحاديث في موضوعين مختلفين: موضوع استعمال أواني الذهب والفضة في الطعام والشراب، وتتعرض له الروايات الخمس الأولى، وكان حقها أن تلحق بكتاب الأطعمة والأشربة، وإن كان بعضها قد تعرض لخواتيم الذهب ولبس الحرير، وقد ترجم النووي للرواية الأولى والثانية بباب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب وغيره على الرجال والنساء، وذلك تحت كتاب اللباس والزينة، ولعله لاحظ أن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة من قبيل الزينة.

والموضوع الثاني لبس الحرير واستعماله، وقد ترجم النووي للروايات من الثالثة حتى الرابعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015