(فإذا هي حافلة، وإذا هن حفل كلهن) "هي" ضمير العنز الأسمن وضمير "هن" للأعنز و"حفل" بضم الحاء وتشديد الفاء المفتوحة، والعنز الحافلة باللبن هي التي اجتمع اللبن الكثير في ضرعها.

(ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه) أي ما كانوا يحلبون فيه، لأنه كبير الحجم واللبن الذي يحلب من الأعنز قليل بالنسبة له.

(فحلبت فيه، حتى علته رغوة) بفتح الراء وضمها وكسرها، ثلاث لغات مشهورات، ويقال: رغاوة بكسر الراء، وحكي ضمها، ويقال: رغاية بالضم، وحكي الكسر، وهي زبد اللبن الذي يعلوه.

(فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى، وأصبت دعوته ضحكت، حتى ألقيت إلى الأرض) "روي" بفتح الراء وكسر الواو وفتح الياء، يروى بفتح الواو، رياً بكسر الراء وفتحها مع تشديد الياء، وروى بكسر الراء وفتح الواو مقصور، شرب حتى شبع، وهو ريان، وهي ريانة ورياً بفتح الراء فيهما. والمراد من دعوته صلى الله عليه وسلم هنا قوله "اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني" والمعنى أنه كان حزيناً حزناً شديداً بعد ما شرب جرعة اللبن، خوفاً من أن يدعو عليه صلى الله عليه وسلم، فلما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي وأجيبت دعوته، وأدركها وحصل عليها المقداد، فرح وضحك حتى سقط على الأرض من كثرة ضحكه، لذهاب ما كان به من الحزن، وانقلابه سروراً، ولتعجبه من قبح فعله أولاً، وحسنه آخراً، ومعنى "حتى ألقيت إلى الأرض" بضم الهمزة، مبني للمجهول، أي حتى ألقاني الضحك على الأرض.

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إحدى سوءاتك يا مقداد) أي لا بد أنك فعلت سوءة من سوآتك يا مقداد. فما الأمر؟ .

(ما هذه إلا رحمة من الله) الإشارة إلى إحداث اللبن في الأعنز في غير وقته، وعلى غير عادته، والمراد رحمة عظيمة ظاهرة، وإلا فجميع الأمور والنعم بفضل الله ورحمته.

(أفلا كنت آذنتني؟ فنوقظ صاحبينا، فيصيبان منها؟ ) الاستفهام إنكاري توبيخي، بمعنى نفي الانبغاء، دخل على نفي، ونفي النفي إثبات، أي كان ينبغي أن تعلمني بالأمر في حينه، قبل أن أشرب، لأدعو بالبركة عليه، فيكفينا وصاحبينا؟ والضمير المؤنث في "منها" يعود إلى الرحمة.

(ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس) أي لا يهمني ولا أعبأ بمن تصيب هذه الرحمة مادمت أنت قد أصبتها، ومادمت أنا قد أصبتها.

(ثم جاء رجل مشرك) قال الحافظ ابن حجر: كان هذا الأعرابي وثنياً.

(مشعان طويل) بضم الميم وسكون الشين وتشديد النون، قيل: هو الطويل، فيحتمل أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015