عامة على القناعة وعدم الشره في الطعام، فأشار إلى أن المؤمن يأكل بقناعة، ويبارك له في أكله، أما الكافر فيأكل بشره كالأنعام، حتى يملأ بطنه، فقال: "المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء".
وإذا كان الشرع قد عني بالضيف وحقه لدى المضيف فقد حث الضيف على أن يرضى بما يقدم إليه، ولا يعيبه، فما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، كان إذا قدم إليه طعام، إن اشتهاه وقبلته نفسه أكله، وإن لم يشتهه، ولم تقبل عليه نفسه سكت وتركه، ولم يعبه، فما لا تشتهيه نفسك قد تشتهيه نفس غيرك.
فما أجمل آداب الإسلام، وما أعظم المسلمين الأولين.
-[المباحث العربية]-
(فقال: إني مجهود) أي أصابني الجهد، بفتح الجيم وسكون الهاء، وهو المشقة والجوع، يقال: جهد فلان يجهد، بفتح الهاء فيهما، جهداً بفتح الجيم إذا بلغ المشقة، وجهد الناس، بضم الجيم وكسر الهاء، أجدبوا، فهم مجهودون، ويقال جهد العيش بفتح الجيم وكسر الهاء يجهد بفتح الهاء، جهداً بفتح الهاء، أي ضاق واشتد، والجهد بضم الجيم وسكون الهاء الوسع والطاقة.
(فأرسل إلى بعض نسائه) أي إلى إحدى نسائه، والمرسل من أجله محذوف للعلم به من المقام، أي أرسل إليها، يسألها عما عندها من طعام أو شراب.
(حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا. والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء) "لا" والذي بعثك بالحق ... " إلى أخره تفسير لقوله "مثل ذلك" فهو بدل.
(من يضيف هذا الليلة رحمه الله) "يضيف" بضم الياء، من الرباعي، يقال: ضاف فلاناً، يضيفه، بفتح الياء، إذا نزل عنده ضيفاً، وأضاف فلاناً إذا أنزله ضيفاً عنده، فالمعنى من ينزل هذا عنده الليلة ضيفاً؟ وجملة "رحمه الله" خبرية لفظاً، دعائية معنى، أي أسأل الله له الرحمة، ويجوز أن تكون "من" موصولة، مبتدأ، وجملة "رحمه الله" خبر، وسواء كانت خبرية لفظاً ومعنى، أو دعائية معنى، ولفظ "ضيف" يكون واحداً وجمعاً، وجمع الكثرة ضيوف وضيفان.
(فقال رجل من الأنصار) قال الحافظ ابن حجر: زعم ابن التين أنه ثابت بن قيس بن شماس، ولكن سياق قصة قيس يشعر بأنها قصة أخرى، لأن لفظها "أن رجلاً من الأنصار مر عليه ثلاثة أيام، لا يجد ما يفطر عليه، ويصبح صائماً، حتى فطن له رجل من الأنصار، يقال له ثابت بن قيس .... القصة.
وهذا لا يمنع من التعدد في الصنيع مع الضيف، وفي نزول الآية، وقيل: هو عبد الله بن رواحة. قال: والصواب الذي يتعين الجزم به في حديث أبي هريرة ما وقع عند مسلم [روايتنا الثالثة] بلفظ "فقام