الظرفية، والبكرة بضم الباء، أول النهار إلى طلوع الشمس وهو المراد من قوله في الرواية العاشرة "من تصبح" وفي التاسعة "حين يصبح"، والعامة يسمون يوم الغد كله بكرة.
(الكمأة من المن) في الرواية الثالثة عشرة "من المن الذي أنزل الله تبارك وتعالى على بني إسرائيل" وفي الرواية الرابعة عشرة "من المن الذي أنزل الله على موسى" و"الكمأة" بفتح الكاف وسكون الميم بعدها همزة مفتوحة، قال الخطابي: والعامة لا يهمزونه. اهـ وجمعها كم، بفتح الكاف وتشديد الميم، مثل تمرة وتمر، وعكس ابن الأعرابي، فقال: الكمأة جمع الكم، الواحد على غير قياس، قال: ولم يقع في كلامهم نظير هذا سوى خبأة وخب، وقيل: الكمأة قد تطلق على الواحدة وعلى الجمع، وقد جمعوها على أكمؤ، وهي نبات لا ورق لها ولا ساق، أرضية، تؤكل مطبوخة، ويختلف حجمها، تشبه البطاطس، أو هي البطاطس، وبعض العرب يسميها جدري الأرض، ونبات الرعد، وهي كثيرة بأرض العرب، وتوجد بالشام ومصر، وأجودها ما كانت أرضه رملة قليلة الماء، ومنها صنف قتال، بضرب لونه إلى الحمرة، وعند الطبري "كثرت الكمأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فامتنع قوم من أكلها، وقالوا: هي جدري الأرض، فبلغه ذلك، فقال: إن الكمأة ليست من جدري الأرض، ألا إن الكمأة من المن".
"والمن" هنا لبس مصدر من، وإنما هو بمعنى اسم المفعول، أي ممنون به، ونعم الله تعالى كلها ممنون بها من الله عليهم، لكن بعض النعم لا صنع لبني آدم فيها، فغلب اسم المن عليها، لأنها من محض، والكمأة في أرض العرب وفي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت توجد في الأرض من غير أن تزرع، ومن غير كلفة ولا علاج ولا سقي ولا غيره، والمن الذي أنزله الله تعالى على بني إسرائيل كان أنواعاً، بعضه نبات يوجد عفواً دون جهد ولا مشقة، كالكمأة، وهي تقوم مقام الخبز، وبعضه طير يسقط عليهم دون صيد، طير سمين مثل الحمام يشبه السمان، أو هو السمان، وهو السلوى، في قوله تعالى: {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى} [البقرة: 57] فعطفه على المن من قبيل عطف الخاص على العام، فكان يمثل عندهم في التيه الأدم، ويقوم مقام اللحم، وبعضه طل يسقط على الشجر كالصمغ، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وهو المعروف بالترنجبين، فاكتمل لهم بالتيه عفواً خبزهم وأدمهم وحلواهم، فما يقوم مقام الخبز، وهو الكمأة نوع من أنواع المن الذي أنزل على بني إسرائيل، وهذا معنى قوله "الكمأة من المن" فهي منه حقيقة، وقيل: إن المراد بالمن الذي أنزل على بني إسرائيل الصمغ الحلو الذي كان ينزل على الشجر، ومعنى "الكمأة من المن" على هذا أنها تشبهه، في كون كل منهما يحصل بلا مشقة ولا مكلفة، أي الكمأة تشبه ما كان من المن، قال الخطابي: ليس المراد أنها نوع من المن الذي أنزل على بني إسرائيل، فإن الذي أنزل على بني إسرائيل كان كالترنجبين الذي يسقط على الشجر، وإنما المعنى أن الكمأة شيء ينبت من غير تكلف، فهو من قبيل المن الذي كان ينزل على بني إسرائيل، فيقع على الشجر، فيتناولونه.
(وماؤها شفاء للعين) كذا عند مسلم وعند الأكثر، وفي رواية "شفاء من العين" أي شفاء من داء العين.