(ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت .... ) في "وليت" مجاز المشارفة، أي ثم قصدت الذهاب، وأشرفت عليه، ولبست ثيابي له، فقالت.
(لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه) أي أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحقيقة طعامنا ومقداره، حتى لا نفضح بحضور من لا يجد طعاماً عندنا.
(فجئته، فساررته، فقلت .. ) الفاء في "فقلت" تفسيرية، فالقول هو المسارة.
(وطحنت صاعاً من شعير) بفتح النون، والضمير لامرأته، بدلالة المقام.
(فتعال أنت في نفر معك) التنوين في "نفر" للتقليل، والنفر من الثلاثة إلى العشر من الرجال.
(إن جابراً قد صنع لكم سوراً) بضم السين وسكون الواو غير مهموز، وهو الطعام الذي يدعى إليه، وقيل: هو الطعام سلقاً، وهي لفظة فارسية.
(فحيهلا بكم) قال النووي: "حي هلا" بتنوين "هلا" وقيل: بلا تنوين، على وزن علا، ويقال: حي هلا، ومعناه عليك بكذا، وقيل: معناه أعجل به، وقيل: معناه هات وعجل به. اهـ وللعرب كلمات، نحتوها من جمل، كالبسملة من بسم الله الرحمن الرحيم، من الحمد لله، والحيعلة من حي على الصلاة وحي على الفلاح، والحيهلة، والمعنى أقبلوا وأهلاً بكم.
(لا تنزلن برمتكم) عن النار، حين ترجع إليها، وعبر بنون التوكيد الثقيلة للالتزام والاهتمام، والتاء في "تنزلن" مضمومة.
(ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء) "تخبزن" بفتح التاء وسكون الخاء وكسر الباء وضم الزاي بعدها نون التوكيد، والخطاب لجابر وأهله، و"حتى أجيء" يحتمل أن تكون غاية لعدم إنزال البرمة وعدم الخبز، ويحتمل أن تكون غاية لعدم الخبز فقط، وهو الأولى، لأن الخبز بدأ بعد مجيئه، أما عدم إنزال البرمة فاستمر بعد مجيئه.
(فجئت، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس، حتى جئت امرأتي فقالت: بك، وبك) في الكلام تقديم وتأخير، والمراد من "جئت" الأولى رجعت، أن بدأت الرجوع والمراد من "جئت" الثانية الوصول ونهاية الرجوع، وأصل الترتيب فبدأت الرجوع من عند النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق، سابقاً على مجيء النبي صلى الله عليه وسلم، حتى وصلت إلى امرأتي، فأخبرتها بما حصل من النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الخندق، فقالت: بك، وبك -أي بك تلحق الفضيحة، وبك يتعلق الذم، وقيل: بك أي برأيك وقع ما وقع، وبسوء نظرك وتصرفك حصل ما حصل، ويحتمل أنه دعاء عليه بأن يقع به سوء ويقع به آخر، غير قاصدة وقوع المدعو به، كما يحصل عند الغضب والفزع، وبعد ذلك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم قومه.