(فند منها بعير) بفتح النون وتشديد الدال، أي شرد وهرب وجرى على وجهه، نافراً، وفي الرواية السادسة "فند علينا بعير منها" فعلى بمعنى "عن" للمجاوزة
(فرماه رجل بسهم فحبسه) أي أصابه، فأوقفه، وأوقعه على الأرض، وهل يحل البعير الناد، إذا رمي بسهم؟ وإن قدر على ذكاته بعد؟ خلاف فقهي سيأتي، وفي الرواية السادسة "فرميناه بالنبل، حتى وهصناه" بفتح الهاء وسكون الصاد، أي أسقطناه على الأرض، وفي غير مسلم "رهصناه" بالراء، أي حبسناه، وفي رواية البخاري "وكان في القوم خيل يسيرة" كاعتذار لعدم قدرتهم على البعير الناد بغير السهام.
(إن لهذه الإبل أوابد، كأوابد الوحش) أي إن لهذه الإبل نفوراً وشروداً، كنفور الوحش وشروده، يقال: أبد، بفتح الهمزة والباء، يأبد، بضم الباء وكسرها، و"أبد" بكسر الباء، يأبد بفتحها، إذا نفر المستأنس والأوابد، بكسر الباء، جمع آبدة، بالمد وكسر الباء المخففة.
(فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا) أي إذا غلبكم بعير بنفوره وشروده، فارموه بالسهم.
(كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة) قال النووي: قال العلماء: الحليفة هذه مكان من تهامة، بين حاذة وذات عرق بين الطائف ومكة، وليست بذي الحليفة، التي هي ميقات أهل المدينة، هكذا ذكره الحازمي في كتابه المؤتلف في أسماء الأماكن، لكنه قال: الحليفة، من غير لفظ "ذي" والذي في صحيح البخاري ومسلم "بذي الحليفة" فكأنه يقال بالوجهين، قال الحافظ ابن حجر: وكان ذلك عند رجوعهم من الطائف، سنة ثمان، وفي رواية البخاري "فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا" وفي رواية "فما فعل منها هذا، فافعلوا مثل هذا" وفي رواية الطبراني "فاصنعوا به ذلك، وكلوه".
(فعجل القوم، فأغلوا بها القدور) في رواية البخاري "فأصاب الناس جوع" يمهد الصحابي بذلك لعذرهم في ذبحهم الإبل والغنم التي أصابوا، زاد في رواية البخاري "وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس" وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك صوناً للعسكر وحفظاً، وفي رواية البخاري "فعجلوا، فنصبوا القدور" وفي رواية "فانطلق ناس من سرعان الناس، فذبحوا ونصبوا القدور قبل أن يقسم" ومعنى "فأغلوا القدور" أي أوقدوا النار تحتها، حتى غلت، وفي رواية "فانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إليهم".
(فأمر بها فكفئت) في رواية البخاري "فأمر بالقدور فأكفئت" أي قلبت، وأفرغ ما فيها، وهل أتلف ما فيها من المرق فقط؟ واستفيد باللحم؟ أم أتلف المرق واللحم؟ سيأتي تفصيل ذلك في فقه الحديث.
(ثم عدل عشراً من الغنم بجزور) في رواية البخاري "ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير" قالوا: وهو محمول على أن قيمة الغنم إذ ذاك كانت كذلك، أو أن الغنم كانت كثيرة، أو هزيلة، فلا يتعارض ذلك مع القاعدة في الأضاحي من أن البعير يجزي عن سبع شياه.