قال الخطابي: صوابه "أأرن" بهمزة مفتوحة بعدها همزة ساكنة مع كسر الراء، على وزن "أعجل" وهو بمعناه، وهو من النشاط والخفة، [لأن الذبح إذا كان بغير الحديد احتاج إلى خفة يد صاحبه، وسرعة إمرارها، قبل أن تهلك]، وقد يكون "أرن" على وزن "أطلع" أي أهلكها ذبحاً، من "أران القوم" إذا هلكت مواشيهم، قال: ويكون "أرن" على وزن "أعط" بمعنى أدم الحز والقطع، ولا تفتر، من قولهم: "رنوت" إذا أدمت النظر. قال القاضي عياض: وقد رد بعضهم على الخطابي قوله: من "أران القوم" إذا هلكت مواشيهم، لأن هذا لا يتعدى، والمذكور في الحديث متعد، على ما فسره، ورد عليه أيضاً قوله: إنه "أأرن" إذ لا نجتمع همزتان إحداهما ساكنة في كلمة واحدة، وإنما يقال في هذا "أيرن" قال القاضي: وقال بعضهم: معنى "أرني" بالياء سيلان الدم. اهـ

(ما أنهر الدم، وذكر اسم الله، فكل) أي ما أسال الدم بكثرة، وجعله كالنهر يجري فكل، ورابط جملة الخبر بالمبتدأ محذوف، والتقدير "فكله" وفيه مضاف محذوف، أي فكل ذبيحته، و"ذكر اسم الله" بضم الذال، مبني للمجهول، والرابط محذوف أيضاً، أي وذكر اسم الله عليه، ورواية أبي داود "وذكر اسم الله عليه"، والجملة حال بتقدير "قد" عند من يشترطها، أي مذكوراً عليه اسم الله.

قال القاضي: وذكر الخشبي في شرح هذا الحديث "ما أنهز" بالزاي، والنهز بمعنى الدفع. قال: وهذا غريب، والمشهور بالراء المهملة. كذا ذكره العلماء كافة.

قال بعض العلماء: والحكمة في اشتراط الذبح، وإنهار الدم تمييز حلال اللحم والشحم من حرامهما، وتنبيه على أن تحريم الميتة لبقاء دمها.

(ليس السن والظفر) أداة استثناء، و"السن" منصوب على الاستثناء مما أنهر الدم، كأنه قال: ما أنهر الدم إلا السن والظفر، أو خلا السن والظفر فكل ذبيحته، والسن والظفر مطلقان، فهل هما على إطلاقهما؟ وعلى عمومهما؟ يشملان سن وظفر الآدمي وغيره؟ الطاهر والنجس؟ المتصل والمنفصل؟ أو لا؟ وهل يلحق بهما سائر العظام؟ أم لا؟ خلاف فقهي سيأتي.

(وسأحدثك) أي عن سبب استثناء السن والظفر.

(أما السن فعظم) قال النووي: معناه فلا تذبحوا به، فإنه يتنجس بالدم، وقد نهيتم عن الاستنجاء بالعظام لئلا تتنجس، لكونها زاد إخوانكم من الجن. اهـ وفي هذا التوجيه نظر، فقد يمكن تطهيرها بعد الذبح بها، ولهذا قال ابن الصلاح: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل. اهـ

(وأما الظفر فمدى الحبشة) قال: معناه أنهم كفار، وقد نهيتم عن التشبه بالكفار، وهذا شعار لهم. اهـ وفيه نظر أيضاً، لأنه لو كان كذلك لامتنع الذبح بالسكين وسائر ما يذبح به الكفار.

(وأصبنا نهب إبل وغنم) يقال: نهب الشيء ينهبه، بفتح الهاء فيهما، أخذه قهراً، والنهب بسكون الهاء المنهوب، والمعنى أخذنا قهراً وغنيمة إبلاً وغنماً من أعدائنا في حرب وغارة عليهم، وفي رواية البخاري "وتقدم سرعان الناس فأصابوا من المغانم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015