جميع الطرق والكتب، ومعناه لا تكفي، من نحو قوله تعالى {واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده} [لقمان: 33] ومعنى "هي خير نسيكتيك" أنك ذبحت صورة نسيكتين، وهما هذه، والتي ذبحتها قبل الصلاة، وهذه أفضل، لأن هذه حصلت بها التضحية، والأولى وقعت شاة لحم، لكن لك فيها ثواب، لا بسبب التضحية، فإنها لم تقع أضحية، بل لكونك قصدت بها الخير، وأخرجتها في طاعة الله، فلهذا دخل أفضل التفضيل، فقال: هذه خير النسيكتين، فإن هذه الصيغة تتضمن أن في الأولى خيراً أيضاً. اهـ
وفي الرواية التاسعة "فضح بها، ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك". أي جذعة من المعز، وفي الرواية العاشرة "ولن تجزي عن أحد بعدك" وفي الرواية الحادية عشرة "أفأذبحها؟ قال: فرخص له، فقال: لا أدري؟ أبلغت رخصته من سواه؟ أم لا؟ " قال النووي: هذا الشك بالنسبة إلى علم أنس رضي الله عنه، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب [الرواية الثامنة والتاسعة والعاشرة] بأنها لا تبلغ غيره، ولا تجزي أحداً بعده. اهـ قال الحافظ ابن حجر: كأن أنساً لم يسمع ذلك، ولعله استشكل الخصوصية بذلك، لما جاء من ثبوت ذلك لغير أبي بردة، فقد حصل لعقبة، كما في الرواية الخامسة عشرة.
(وانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين، فذبحهما) أي مال وانعطف إلى كبشين، يقال: كفأت الإناء، إذا أملته، والمراد أنه رجع عن مكان الخطبة، إلى مكان الذبح، وستأتي صفة ذبحه صلى الله عليه وسلم وصفة الكبشين في الباب التالي.
(فقام الناس إلى غنيمة، فتوزعوها، أو قال: فتجزعوها) "غنيمة" تصغير "غنم" ويشمل الضأن والمعز، والتصغير لتقليل العدد، لا لتقليل الوزن، و"فتوزعوها" من التوزيع، وهو التفرقة، أي فتفرقوها، وأما "فتجزعوها" من الجزع، وهو القطع، أي اقتسموها حصصاً، وليس المراد أنهم اقتسموها حصصاً بعد الذبح، فأخذ كل واحد قطعة من اللحم، وإنما المراد أخذ حصة من الغنم، واحدة أو اثنتين، والقطعة تطلق على الحصة من كل شيء، فبهذا التقرير يكون المعنى واحداً، بين "فتوزعوها" و"فتجزعوها" والشك من الراوي.
(أعطاه غنماً يقسمها على أصحابه، ضحايا) كذا في الرواية الخامسة عشرة، وفي الرواية السادسة عشرة "قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ضحايا" ففي الرواية الأولى أن الذي قسم هو عقبة بن عامر، وفي الثانية أن الذي قسم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان عقبة وكيلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في القسمة، أسندت القسمة مرة إلى الوكيل، ومرة إلى الموكل، ووضع البخاري هذا الحديث تحت باب وكالة الشريك للشريك في القسمة، وأشار إلى أن عقبة كان له في تلك الغنم نصيب، باعتبار أنها كانت من الغنائم، وكذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم فيها نصيب، ومع هذا فوكله في قسمتها، لكن قوله "ضحايا" يشكل مع كونها غنائم، ووجهه ابن المنير بأنه يحتمل أن أطلق عليها ضحايا باعتبار ما يؤول إليه الأمر، ويحتمل أن يكون عينها للأضحية، ثم قسمها بينهم، ليحوز كل واحد نصيبه.
والضمير في "على أصحابه" يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون لعقبة، وعلى الأول