"فقال: يا رسول الله، أنا ضرير" وفي رواية "فقام حين سمعها ابن أم مكتوم -وكان أعمى- فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من هو أعمى؟ وأشباه ذلك"؟ وفي رواية "فقال: إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما ترى، ذهب بصري" وفي رواية "ما ذنبنا"؟ وابن أم مكتوم عبد الله، وقيل: عمرو، واسم أبيه زائدة، وأم مكتوم أمه، واسمها عاتكة.

(فنزلت: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) قال ابن المنير: لم يقتصر الراوي على ذكر الكلمة الزائدة، وهي "غير أولي الضرر" فإن كان الوحي نزل بزيادة قوله "غير أولي الضرر" فقط، فكأن الراوي رأى إعادة الآية من أولها، حتى يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، وإن كان الوحي نزل بإعادة الآية بزيادتها، بعد أن نزل بدون الزيادة فقد حكى الراوي صورة ما نزل، قال الحافظ ابن حجر: والأول أظهر، ففي روايتنا الثانية "فنزلت" غير أولي الضرر" وفي رواية لزيد "فأنزل الله عليه، فقلنا لابن أم مكتوم: إنه يوحى إليه، فخاف أن ينزل في أمره شيء، فجعل يقول: أتوب إلى الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب: اكتب {غير أولي الضرر}

و"غير أولي الضرر" قرئ بنصب "غير" ورفعها، قراءتان مشهورتان في السبع، وقرئ في الشاذ بجرها، فمن نصب فعلى الاستثناء، ومن رفع فوصف "القاعدون" أو بدل منهم، ومن جر فوصف "المؤمنين" أو بدل منهم.

(قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ ) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، وزعم ابن بشكوال أنه عمير بن الحمام، وسبقه إلى ذلك الخطيب، واحتج بما أخرجه مسلم من حديث أنس -روايتنا الخامسة- "أن عمير بن الحمام أخرج تمرات، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، ثم قاتل حتى قتل" قال الحافظ ابن حجر: لكن وقع التصريح في حديث أنس أن ذلك كان يوم بدر [ففي روايتنا الخامسة "فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى سبقوا المشركين إلى بدر"] قال: والقصة التي معنا وقع التصريح في حديث جابر أنها كانت يوم أحد [ففي رواية البخاري "قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ إلخ] وفي ملحق روايتنا الثالثة تصريح بذلك قال: فالذي يظهر أنهما قصتان وقعتا لرجلين.

(جاء رجل من بني النبيت -قبيل من الأنصار) قال النووي: هو بنون مفتوحة، ثم باء مكسورة ثم ياء، ثم تاء، وهم قبيلة من الأنصار. اهـ. وقيل: إنه عمرو بن ثابت المعروف بأصرم بن عبد الأشهل.

(عمل هذا يسيرا، وأجر كثيرا) رواية البخاري تبين سبب العمل اليسير، ففيها "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟ قال: أسلم ثم قاتل، فأسلم، ثم قاتل ... " قال محمود بن لبيد: كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أحد بدا له، فأخذ سيفه، حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى وقع جريحا، فوجده قومه في المعركة، فقالوا: ما جاء بك؟ أشفقة على قومك؟ أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، قال أبو هريرة: دخل الجنة وما صلى صلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015