الغنيمة الذي جعله الله لذوي القربى، بقوله جل شأنه {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: 41] وسيأتي في فقه الحديث اختلاف الفقهاء فيه.
(فأبى علينا قومنا ذاك) قال النووي: أراد بقومه ولاة الأمر من بني أمية. قال الشافعي: أراد الذين هم بعد الصحابة، ويقصد ابن معاوية.
-[فقه الحديث]-
ترجم البخاري بباب غزو النساء، وقتالهن مع الرجال، قال الحافظ ابن حجر: ولم أر في شيء من الأحاديث التصريح بأنهن قاتلن، ولأجل ذلك قال ابن المنير: بوب على قتالهن، وليس قتالهن في الحديث، فإما أن يريد أن إعانتهن للغزاة غزو، وإما أن يريد أنهن ما ثبتن لسقي الجرحى ونحو ذلك إلا لأنهن بصدد أن يدافعن عن أنفسهن، ثم قال الحافظ: ويحتمل أن يكون غرض البخاري بالترجمة أن يبين أنهن لا يقاتلن، وإن خرجن في الغزو، فالتقدير بقوله: "وقتالهن مع الرجال" هل هو سائغ؟ أو إذا خرجن مع الرجال في الغزو يقتصرن على ما ذكر، من مداواة الجرحى ونحو ذلك، ثم قال: وفي الحديث جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة. قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم، ثم بالمسنات منهن، لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد، فإذا دعت الضرورة لغير المسنات فليكن بغير مباشرة ولا مس، ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت، ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس، بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم، وفي قول الأكثر تيمم، وقال الأوزاعي: تدفن كما هي. قال ابن المنير: الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة، والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات.
ومن المسلمات أن الجهاد غير واجب على النساء، لكن هل يستحب لهن أن يتطوعن بالجهاد؟ أميل إلى أنه لا يستحب، بل يرخص به للحاجة، وبقدر الحاجة، وبما ورد من أعمال وما يشبهها، وذلك لأن المطلوب الشرعي من النساء الستر ومجانبة الرجال، وجهادهن مع الرجال يتعارض مع المطلوب منهن، وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل: هل على النساء جهاد؟ فقال: جهادكن الحج والعمرة.
أما المسألة الثانية المترتبة على المسألة الأولى فهي: إذا حضرت المعركة هي أو العبد، فهل يسهم لها وله، كما يسهم للرجال؟ قال النووي: قال مالك: لا رضخ للعبد ولا للمرأة، وقال الحسن وابن سيرين والنخعي والحكم: إن قاتل العبد أسهم له، وقال الأوزاعي: المرأة تستحق السهم إن كانت تقاتل، أو تداوي الجرحى، وقال الشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء: العبد والمرأة يرضخ لهما، ولا يسهم لهما، وظاهر الحديث يشهد لهم، ففي الرواية الرابعة "ويحذين من الغنيمة" "وأما بسهم فلم يضرب لهن" وفي الرواية الخامسة "وأنهما ليس لهما شيء إلا أن يحذيا" وفي الرواية السادسة "وسألت عن المرأة والعبد، هل كان لهما سهم معلوم، إذا حضروا البأس؟ فإنهم لم يكن لهم سهم معلوم، إلا أن يحذيا من غنائم القوم.