(وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان) المراد من الصبيان هنا من لم يبلغ الحلم من أبناء المشركين في الحرب بيننا وبين المشركين، ففي الرواية السادسة "وسألت هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل من صبيان المشركين أحدا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل منهم أحدا" وفي الرواية الخامسة "وكتبت تسألني عن قتل الولدان؟ وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتلهم" ولا تتعلل بأنهم إذا بلغوا تبعوا آباءهم في دينهم، فأنت لا تعلم الغيب ولا كيف يصيرون، فقد كان آباء الصحابة مشركين، ولا تتعلل بأن الخضر عليه السلام قتل الغلام، فإنه علم مصيره بإعلام ربه له، فإن كنت مثله تعلم الغيب فافعل على ضوء ما تعلم من الغيب، وفي الرواية الخامسة "فلا تقتلهم إلا أن تعلم منهم ما علم صاحب موسى من الغلام الذي قتله" وفي الرواية السادسة "فلا نقتل منهم أحدا إلا أن تكون نعلم منهم ما علم الخضر من الغلام حين قتله" وما قتله الخضر إلا بأمر الله تعالى له على التعيين، كما قال في آخر القصة "وما فعلته عن أمري" وأنى لك علم ذلك؟
(وتميز المؤمن فتقتل الكافر وتدع المؤمن) أي لا تقتل صبيان المشركين إلا في علمك بما سيصيرون إليه من الكفر أو الإيمان، وفي حالة تمييزك بين من سيصيرون مسلمين، ومن سيصيرون كفارا، فتقتل من سيكون كافرا، وتدع من سيكون مسلما، فقوله "وتميز" معطوف على "تعلم" أي إلا أن تكون تعلم، وإلا أن تكون تميز. وليس ذلك لك.
(وكتبت تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم؟ ) وفي الرواية الخامسة "متى ينقطع عنه اسم اليتم"؟ وفي الرواية السادسة "وسألت عن اليتيم متى ينقضي يتمه"؟ السؤال ليس في الهدف عن اسم اليتم، ولا عن حقيقته، وإنما عن الحكم المترتب على اليتم من حجر التصرف، كما وضح من الجواب، فنفس اليتم ينقضي بالبلوغ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتم بعد الحلم" أما متى يستقل اليتيم -أي من كان يتيما- بالتصرف في ماله؟ فهذا هو المراد من السؤال، وسيأتي الخلاف في ذلك في فقه الحديث.
(فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم) وفي الرواية الخامسة "وإنه لا ينقطع عنه اسم اليتم حتى يبلغ، ويؤنس منه رشد" وفي الرواية السادسة "وإنه إذا بلغ النكاح وأونس منه رشد، ودفع إليه ماله -أي فأحسن التصرف فيه- فقد انقضى يتمه" وظاهر هذا الجواب أن حكم اليتيم يتوقف على أمرين: البلوغ، والرشد، وفي ذلك يقول تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6] و"العمر" بفتح العين وضمها مع سكون الميم مدة الحياة، ويقال في القسم "عمرك الله" و"لعمرك" و"لعمري" يرفعونه بالابتداء، ويحذفون الخبر وجوبا، أي لعمري قسمي، والتزموا في القسم فتح العين، للتخفيف، وإذا دخلته اللام التزم فيه الفتح، وحذف الخبر في القسم.
(وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو؟ وإنا كنا نقول هو لنا) المقصود خمس خمس