على جبل بني لحيان، ليحرس الرسول صلى الله عليه وسلم وجنوده من غدر المشركين، في طريق عودتهم من الحديبية إلى المدينة.
أما حديثه عن غزوة خيبر فيدور أكثره عن عمه عامر بن الأكوع، وكان بطلا شجاعا، حسن الصوت يحدو للقافلة، فسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقهم إلى خيبر يغني شعرا، يقول:
والله لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
قال: صلى الله عليه وسلم: من صاحب هذا الصوت؟ قالوا: عامر. قال: يغفر الله له، وتعود الصحابة من قبل على أن هذه الكلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تشير إلى أن المقولة عنه سيموت شهيدا وقريبا فأسفوا، وكانت حقا، فقد خرج ملك خيبر "مرحب" على المسلمين يختال، ويطلب النزال فخرج له عامر فبارزه، وكاد يقتله، لكن سيف عامر كان قصيرا، فارتد عليه، فقتل عامر بسيف نفسه، فقال الصحابة: لم يمت شهيدا، بل حبط عمله، لأنه مات بسلاحه، فساء هذا القول سلمة، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم كذب من قال ذلك، إن له أجرين، مات جاهدا مجاهدا.
ويحكي لنا سلمة أنه كان الرسول الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى علي رضي الله عنه ليحضره وهو مريض يشكو عينيه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأت عيناه في الحال، فسلمه راية الجيش، فبارز ملكهم "مرحب" فقتله، وفتح الله على يديه حصون خيبر، بعد حصار دام بضعة عشر يوما -رضي الله عن سلمة وعن الأصحاب أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(غزوة ذي قرد وغيرها) ذكر مسلم في هذه الأحاديث غزوة ذي قرد في الرواية الأولى والثانية وغزوة الحديبية وخيبر في الرواية الثانية، وفي جميعها يتحدث سلمة بن الأكوع عن نفسه: والقرد -بفتح القاف والراء وحكي الضم فيها، وحكي ضم أوله وفتح ثانيه- في الأصل ما تساقط من الوبر والشعر، ويطلق أيضا على السعف سل خوصه، وهو هنا اسم ماء على عشرين ميلا من المدينة، مما يلي غطفان، بين المدينة وخيبر على طريق الشام.
وقول سلمة في الرواية الثانية "فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر" صريح في أن غزوة ذي قرد كانت قبيل خيبر، لكن قال القرطبي في شرح مسلم: لا يختلف أهل السير في أن غزوة ذي قرد كانت قبل الحديبية، فيكون ما وقع في حديث سلمة من وهم بعض الرواة، قال: ويحتمل أن يجمع بأن يقال: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أغزى سرية فيهم سلمة بن الأكوع إلى خيبر