دعا إلى رجل ينبهه، فقال" فدا لك" ثم دعا إلى تمام الكلام الأول، فقال "ما اقتفينا" قال: وهذا تأويل يصح معه اللفظ والمعنى، لولا أن فيه تعسفا، اضطررنا إليه لتصحيح الكلام، وقد يقع في كلام العرب من الفصل بين الجمل المتعلق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل. انتهى كلام المازري.

وفي توجيهه كما قال تعسف كبير، والأولى أن يقال: إن الرواية دخلها تصحيف، وأصلها "نداء لك" بالنون بدل الفاء، وفي الحداء قد يشتبه الحرف على السامع. والله أعلم.

(فاغفر ... ما اقتفينا) بقاف ساكنة بعدها تاء مفتوحة، أي ما تبعنا من الخطايا، من قفوت الأثر، واقتفيته إذا تبعته. وهي أشهر الروايات، وروي "ما اتقينا" بتاء مشددة، بعدها قاف، وهي أكثر الروايات، ومعناها ما تركنا من الأوامر، وروي "ما أبقينا" أي ما أبقيناه وراءنا من الذنوب فلم نتب منه، وفي رواية "ما لقينا" بكسر القاف، أي ما وجدنا من المناهي.

(وألقين سكينة علينا) في رواية "وألق السكينة علينا" بحذف النون وزيادة ألف ولام في السكينة وليس بموزون وفي ملحق الرواية الرابعة "وألق سكينة علينا".

(إنا إذا صيح بنا أتينا) بألف وتاء، أي جئنا إذا دعينا إلى القتال أو إلى الحق، وروي "أبينا" بالباء بدل التاء، فإن ثبتت الرواية فمعناها إذا دعينا إلى غير الحق امتنعنا، ويحتمل أن يكون معناها أبينا الفرار والامتناع.

(وبالصياح عولوا علينا) أي قصدونا واعتمدوا علينا إذا صاحوا واستغاثوا. تقول: عولت على فلان، وعولت بفلان بمعنى استغثت به، واعتمدت عليه، وقال الخطابي: المعنى جلبوا علينا بالصوت، من العويل، وتعقب بأنه لو كان من العويل لقال أعولوا.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق؟ قالوا: عامر. قال: يرحمه الله)

وفي باب غزوة ذي قرد الآتي "من هذا؟ قال: أنا عامر. قال: غفر لك ربك".

(فقال رجل من القوم: وجبت يا رسول الله) أي ثبتت له الشهادة، وسيأتي في باب غزوة ذي قرد وغيرها، في حديث سلمة بن الأكوع قوله "وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد" قال النووي: وكان معلوما عندهم أن من دعا له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء في هذا الموطن استشهد. اهـ.

(لولا أمتعتنا به؟ ) في حديث سلمة في باب غزوة ذي قرد "فنادى عمر بن الخطاب، وهو على جمل له: يا نبي الله، لولا ما متعتنا بعامر؟ " وعمر نفسه الذي قال: وجبت، أي ثبتت. فعند ابن إسحق "فقال عمر: وجبت يا رسول الله" ومعنى "لولا" هلا، و"أمتعتنا" أي متعتنا، أي أبقيته لنا لنتمتع به، أي بشجاعته وصحبته، والتمتع الترف إلى مدة، أي وددنا لو أنك أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015