ومقدمة، ومؤخرة وقلب، قال القاضي: رويناه برفع الخميس، عطفا على قوله "محمد" وبنصبها على أنه مفعول معه.
والظاهر أنهم رجعوا إلى حصونهم، وتحصنوا بها، فحاصرهم المسلمون، وكانوا يخرجون لمناوشة وقتال المسلمين، ويعودون إلى حصونهم ليلا.
(وأصبناها عنوة) بفتح العين، أي قهرا، لا صلحا. قال المازري: ظاهر هذا أنها كلها فتحت عنوة، وروى مالك عن ابن شهاب أن بعضها فتح عنوة، وبعضها صلحا.
(فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنيهاتك)؟ في بعض النسخ "هنياتك" والهنة يقع على كل شيء، أي أسمعنا من حاجاتك، والمراد هنا أراجيزك، والهنيهات جمع هنيهة، وهي تصغير هنة، كما قالوا في تصغير سنة سنيهة، والهنيات جمع هنية، كسنة وسنية، وفي رواية للبخاري "لو أسمعتنا من هناتك"؟ بغير تصغير، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسم الرجل الذي قال لعامر، صريحا، وعند ابن إسحق من حديث نصر بن دهر الأسلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع، وهو عم سلمة بن الأكوع، واسم الأكوع سنان: "انزل يا ابن الأكوع، فاحد لنا من هنياتك" ففي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره بذلك. اهـ لكن هذا الاحتمال لا يتفق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية بعد "من هذا السائق"؟ فلعل ذلك في نزلة أخرى غير التي معنا.
(فنزل يحدو بالقوم) من الحدو، وهو سوق الإبل والغناء لها، يقال: حدوت الإبل حدوا، وحداء، والإبل تحب الحداء، ولا يكون الحداء إلا شعرا أو رجزا، وأول من سن حداء الإبل مضر بن نزار، لما نزل عن بعيره، فكسرت يده، فبقي يقول: وايداه. وايداه.
(اللهم لولا أنت ما اهتدينا) قال النووي: كذا الرواية، قالوا: وصوابه في الوزن: "لاهم"، أو "والله لولا أنت" كما في الحديث الآخر "والله لولا الله".
(فاغفر فداء لك) بكسر الفاء وبالمد، وحكى ابن التين "فدى لك" بفتح الفاء وبالقصر، وزعم أنه هنا بكسر الفاء مع القصر، لضرورة الوزن، قال العيني: وليس كما قال، فإنه لا يتزن إلا بالمد على ما لا يخفى. قال النووي: قال المازري: هذه اللفظة مشكلة، فإنه لا يقال: فدى الباري سبحانه وتعالى، ولا يقال له سبحانه: فديتك، لأن ذلك إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص، فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه. قال: ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه كما يقال: قاتله الله ولا يراد بذلك حقيقة الدعاء عليه، وكقوله صلى الله عليه وسلم "تربت يداك" و"تربت يمينك" و"ويل أمه" وفيه كله ضرب من الاستعارة، لأن الفادي مبالغ في طلب رضى المفدي، حين بذل نفسه عن نفسه للمكروه، فكان مراد الشاعر أني أبذل نفسي في رضاك، وعلى كل حال فإن المعنى -وإن أمكن صرفه إلى جهة صحيحة، فإطلاق اللفظ واستعارته والتجوز به- يفتقر إلى ورود الشرع بالإذن فيه، قال: وقد يكون المراد بقوله "فدا لك" رجلا يخاطبه، وفصل بين الكلام، فكأنه قال: "فاغفر" ثم