(فهجرته لم تكلمه حتى توفيت) قال النووي: "فلم تكلمه" يعني في هذا الأمر أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة أو لم تضطر إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولا كلمته. اهـ.
وفي رواية البخاري "فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت" وسيأتي في فقه الحديث بقية لهذه المسألة.
(وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر) هذا هو الصحيح المشهور وقيل ثمانية أشهر وقيل ثلاثة وقيل شهرين وقيل سبعين يوما وعلى الصحيح قالوا: توفيت لثلاث مضين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة.
(وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة) "وجهة" بكسر الواو وضمها أي إقبال واتجاه وقصد.
(استنكر على وجوه الناس) أي انصرافهم عنه وضعف إقبالهم عليه.
(فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته) هذا ظن عائشة -رضي الله عنها- في دوافع علي لمصالحة أبي بكر رضي الله عنهما وهو ظن يخالف ما صرح به في الحديث مما سنوضحه بعد وإن أضفنا إليه دافعا قلنا: إن غضب فاطمة رضي الله عنها من أبي بكر كان حائلا بينه وبين المصالحة فلما توفيت زال الحائل وخف غضب علي رضي الله عنهم أجمعين.
(ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك) يقصد الخلافة يقال: نفس الشيء على فلان أي حسده ولم يره أهلاله "ننفس" بفتح النون الأولى وسكون الثانية وفتح الفاء وهو في الماضي بكسر الفاء.
(ولكنك استبددت بالأمر) يقال: استبد به إذا انفرد به وكأن عليا رضي الله عنه كان يرى أنه لوجاهته ومكانته وفضيلته في نفسه وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم لا يقضي الأمر بدون مشورته وحضوره.
(وكنا نحن نرى لنا حقا) في أن تطلب رأينا وتحرص على مبايعتنا لك.
(لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي) "أن أصل" المصدر المنسبك مبتدأ ثان والتقدير: قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى لها أحب إلي من وصلي لقرابتي.
(وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال) يقصد طلب فاطمة رضي الله عنها ميراث أبيها يقال: شجر الأمر بينهم بفتح الجيم يشجر بضمها شجورا إذا اضطرب وتنازعوا فيه.
قال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65].