وقبل الهجوم طلب قائد الجيش أبو بكر من جنده الاستراحة آخر الليل على بعد ساعة من ماء القوم فلما أشرق الصباح أمر بالهجوم على الأعداء فقتل منهم من قتل وسبى من سبى وهرب الباقون ورأى سلمة جماعة من الأعداء يحاولون في فرارهم اللجوء إلى شعاب الجبل فأرسل سهما بينهم وبين الجبل يوهمهم أن الجبل في سيطرة المسلمين فوقفوا رجالا ونساء وأطفالا. فقال لهم: استسلموا. من يرفع رأسه منكم فسأقطع رقبته فاستسلموا وساقهم سلمة إلى أبي بكر فكافأه أبو بكر بابنة جميلة من أشراف القوم زيادة على سهمه من الغنيمة وكان كثيرا ما يسهم له سهمان كالفارس الذي معه فرس لأنه في سرعته وشجاعته يعدل من معه فرس فلما قدموا المدينة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جرى طلب من سلمة أن يهبه الفتاة ليفدي بها أناسا من المسلمين أسروا لدى قريش بمكة فاعتذر سلمة بأنه أحبها ويصعب عليه التنازل عنها وكان من كريم خلقه صلى الله عليه وسلم أن سكت ولم يرغمه بل لم يعنفه بل لم يلمه وانصرف عنه فلما قابله في اليوم الثاني قال له: يا سلمة هب لي المرأة لأفدي بها جماعة من أسرى المسلمين فهي عندك فتاة وسأعوضك خيرا منها لكنها عند قومها ذات قدر يفدي بها عدد من الرجال فوهبها له سلمة ففدى بها ناسا من المسلمين.

-[المباحث العربية]-

(عن إياس بن سلمة عن أبيه) سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.

(غزونا فزارة) وهي من غطفان.

(فلما كان بيننا وبين الماء ساعة) قال النووي: هكذا رواه جمهور رواة صحيح مسلم وفي رواية بعضهم "بيننا وبين الماء ساعة" والصواب الأول اهـ. أي ذكر "فلما كان".

(أمرنا أبو بكر فعرسنا) التعريس النزول آخر الليل أي أمرنا بالتوقف عن المسير والاستراحة آخر الليل.

(ثم شن الغارة) أي فرقها وبدأها.

(وأنظر إلى عنق من الناس) أي إلى جماعة من الناس أي ورأيت جماعة من الرجال معهم النساء والأطفال وهم من الأعداء يريدون أن يدخلوا الجبل ليتفرقوا في شعابه ويحتموا به.

(فيهم الذراري) أي مع هؤلاء الرجال النساء والأطفال.

(فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل) فلا أقدر عليهم.

(فرميت بسهم بينهم وبين الجبل) فتوقفوا وظنوا أن الجبل عليه رماة من المسلمين فخافوا أن يتجهوا نحوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015