3946 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما. فقالت: هذه لصاحبتها إنما ذهب بابنك أنت. وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى. فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه. فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا يرحمك الله هو ابنها. فقضى به للصغرى. قال: قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ ما كنا نقول إلا المدية.
-[المعنى العام]-
جاءت الشريعة الإسلامية بنصوص محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما المحكمات فلا اجتهاد فيها وأما المتشابهات فكانت مجالا للنظر والاجتهاد وكذلك أمور الحياة منها ما هو بديهي حقائق ثابتة واضحة ومنها ما هو في حاجة إلى اجتهاد وفكر ونظر واستنباط وكانت ميزة الشريعة الإسلامية أن جعلت للعقل نصيبا كبيرا في إدارة شئون الحياة بل وفي كثير من أمور العباد وكان القضاء والعلم والفتوى في كثير من الأحيان في حاجة ماسة إلى الاجتهاد ونتيجة لذلك كان اختلاف المجتهدين وكان تشجيع الشريعة للاجتهاد وسبق أن مر بنا أنها جعلت للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا.
والشرع الحكيم يحكي لنا في هذا الحديث قصة رسولين اجتهدا في قضية وكان الصواب في جانب الابن وكان للأب أجره على اجتهاده.
امرأتان كانتا في بادية الشام ترعيان أغنامهما أو تحتطبان ومع كل منهما ابنها الرضيع تركتا ابنيهما على الأرض متجاورين وذهبتا لبعض شأنهما وعادتا وقد عدا الذئب على الطفلين فذهب بأحدهما فلما رجعتا وجدتا طفلا واحدا ادعت كل واحدة منهما أنه ابنها وقالت كل منهما للأخرى: إنما ذهب الذئب بابنك أنت فتحاكمتا إلى داود عليه السلام والكبرى تحمل الطفل والصغرى لا شاهد معها ولا دليل فقضى داود للكبرى بالطفل وخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام الكبرى مسرورة فرحة والصغرى حزينة باكية قال لهما: ما شأنكما؟ فقصتا عليه القصة