-[فقه الحديث]-
وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الأقضية أنه يتضمن قضايا "قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وعقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات".
ومن مجموع الروايات نحصل على ثلاثة واجبات وثلاثة محرمات وثلاثة مكروهات.
ومن المعلوم أن ترك الواجب محرم فتصبح المحرمات ستة: العصيان وعدم الطاعة والإشراك بالله والتفرق والخروج على الجماعة ثم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
والثلاثة الأولى معلومة من الدين بالضرورة أما الثلاثة الثانية: فقد وردت في جميع الروايات بلفظ التحريم ومن المعلوم أن المحرمات درجات أكبر الكبائر. الكبائر. محرمات دون الكبائر فليس يلزم من اقترانها في الذكر أنها في درجة سواء.
والمكروهات الثلاثة صدرت بلفظ "يكره" و"كره" و"نهى" وليس معنى ذلك أنها مكروهات في عرف الفقهاء على الإطلاق وستأتي الأحكام بالتفصيل.
أما عقوق الأمهات ومثله عقوق الآباء فقد سبق في كتاب الإيمان أنه من أكبر الكبائر ومن السبع الموبقات وقرن بالإشراك بالله وقتل النفس ولا خلاف في ذلك بين علماء المسلمين.
ووأد البنات: من الكبائر الموبقات بل من أكبر الكبائر فقتل النفس بغير حق من أكبر الكبائر وقرن بالإشراك بالله فمن باب أولى قتل نفس لها حرمة كبرى وحق أكبر.
أما منع وهات: والمراد منها الامتناع عن إعطاء الحقوق للآخرين وطلب ومحاولة أخذ ما ليس بحق من الآخرين فحكمها يختلف باختلاف قيمة هذا الحق فقد يكون كبيرة وقد يكون مكروها لكن ذكره تحت عنوان المحرمات يجعل المراد منه من قصد الأمور الكبيرة أو من أصبحت تلك عادته حتى اشتهر بها ولو كانت الحقوق صغائر فالإصرار على الصغيرة كبيرة والإصرار على الصغائر يحولها إلى كبائر وهل الكبيرة في الجمع بين الصفتين؟ أو كل منها مستقلا كبيرة؟ أميل إلى الثاني فمن اعتاد منع الحقوق أو منع حقا كبيرا فقد دخل في هذا وإن لم يأخذ من الآخرين ما ليس حقا له ومن أخذ ما ليس حقه متعمدا من الآخرين دخل في هذا وإن لم يمنع الآخرين حقهم عنده ومن جمع بين الأمرين فهو من باب أولى.
وأما قيل وقال: فالحكمة في النهي عن ذلك أن الكثرة من ذلك لا يؤمن معها وقوع الخطأ إذا أريد من المقول ما لا فائدة فيه من الكلام فإن كانت الكثرة من قيل وقال في أمور الخير فلا يكره.
وأما كثرة السؤال: فقد ذكرنا في المباحث العربية خمسة أنواع من السؤال.
النوع الأول: سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم والأحاديث كثيرة في الحض على التعفف عن المسألة "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه".