من الكفالة بمعنى الضمان، لأن هذا لا يجوز في الحدود. "حتى وضعت، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذًا لا نرجمها، وندع ولدها صغيرًا، ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار، فقال إلي رضاعه يا نبي الله. قال: فرجمها" وظاهر هذه الرواية أنها لم ترضعه حتى الفطام، وتوجيهها أن الرجل الأنصاري قال ذلك بعد الفطام، وأراد بالرضاع تربيته وحضانته، وسماها رضاعًا مجازًا. قاله النووي.
وهذا التوجيه ضروري، ففي الرواية العاشرة "فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة. قالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي، فأرضعيه، حتى تفطميه" يقال: فطم، بفتحات، يفطم، بكسر الطاء "فلما فطمته أتت بالصبي، في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين" فهذه الرواية صريحة في أن رجمها كان بعد فطامه وأكله الخبز، وهما قضية واحدة، والروايتان صحيحتان، فتعين تأويل الأولى، وحملها على وفق الثانية.
(فيقبل خالد بن الوليد بحجر) أصله: فأقبل خالد بن الوليد بحجر، ولكنه عبر عن الماضي بالمضارع استحضارًا للصورة.
(فتنضح الدم على وجه خالد) قال النووي "فتنضح" روي بالحاء، وبالخاء، والأكثر على الحاء، ومعناه ترشش وانصب، اهـ. يقال: نضح الثوب بالماء رشه به، وتنضح الماء على الشيء ترشش عليه، ونضخ الشيء بالماء بلله ورشه، وتنضح الدم على الوجه رشه وتناثر عليه.
(لو تابها صاحب مكس لغفر له) "المكس" الضريبة، يأخذها المكاس، ممن يدخل البلد، من التجار، وجمعه مكوس، قال النووي: وهو من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له، وظلاماتهم عنده، وتكرر ذلك منه، وانتهاكه للناس، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها.
(فصلى عليها) في الرواية الحادية عشرة "ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله، وقد زنت"؟ قال النووي: أما الرواية الثانية فصريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها، وأما الرواية الأولى فقال القاضي عياض: هي بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة مسلم، قال: وعند الطبري بضم الصاد، قال: وكذا هو في رواية ابن أبي شيبة وأبي داود، وفي رواية لأبي داود "ثم أمرهم أن يصلوا عليها" قال القاضي: ولم يذكر مسلم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز، وقد ذكرها البخاري. اهـ قلت: ورواية ضم الصاد لا تمنع من كونه صلى الله عليه وسلم صلى عليها، ولا رواية أبي داود "ثم أمرهم أن يصلوا عليها" لاحتمال أن يكون أمرهم، وصلى بهم، فتفهم الرواية المحتملة على الرواية الصريحة، حيث لا تعارض.
(فإذا وضعت فائتني بها، ففعل) أي فعل وليها ما أمر به.
(فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم، فشكت عليها ثيابها) هكذا هو في معظم النسخ "فشكت" وفي