بالبيضة بيضة الحديد وأن المراد بالحبل حبل السفينة، ومن هؤلاء الأعمش، راوي الحديث عن أبي صالح، راويه عن أبي هريرة، إذ قال في البخاري: كانوا يرون أنه بيض الحديد، والحبل كانوا يرون أنه من الحبال ما يساوي دراهم.

وذهب بعضهم إلى أن المراد بالبيضة البيضة الحقيرة، وبالحبل الحبل الحقير، ووجهوا الحديث بعدة توجيهات،

قالوا أولاً: إن هذا الأسلوب في الشائع من الكلام، يقال في موضع التقليل، لا التكثير، لأنه لا يذم في العادة من خاطر بيده، في شيء له قدر، وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له، فلا يقال: أخزى الله فلانًا عرض يده في مال له قيمة، وإنما يقال: أخزى الله فلانًا ضحى بيده في شيء تافه حقير.

وإذا كان الأمر كذلك كان المراد بالبيضة والحبل ضرب المثل، للتنبيه على عظم ما خسر وهي اليد في حقارة ما حرص عليه، وهو ربع دينار فصاعدًا، والمثل لا يقصد معاني ألفاظه، كقولهم: رجع بخفي حنين.

وكما في الحديث: "من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له مثله في الجنة".

التوجيه الثاني: أن في الكلام حذفًا، بني عليه القطع والتقدير: يسرق البيضة، وتتكرر السرقة للشيء التافه، فلا يقطع، فيتعود السرقة، فيسرق النصاب، فتقطع يده.

التوجيه الثالث: أن القطع المذكور ليس حدًا، بمعنى يسرق البيضة أو الحبل، فيقطعه بعض الولاة سياسة، لا قطعًا جائزًا شرعيًا.

التوجيه الرابع: أن هذا منسوخ بأحاديث النصاب، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة، من غير بيان نصاب، فقاله على ظاهر اللفظ. والله أعلم.

(أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت) المراد من قريش بعض هذه القبيلة المشهورة، ممن أدرك القصة، "أهمهم شأن المرأة" أي أجلب إليهم هما، أو صيرهم ذوي هم، يقال: أهمني الأمر إذا أقلقني، والمراد من شأنها أمرها المتعلق بالسرقة خوفًا من أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، ففي رواية "لما سرقت تلك المرأة أعظمنا ذلك، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " وسبب إعظامهم ذلك خشية أن تقطع يدها، لعلمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرخص في الحدود، وكان قطع السارق معلومًا عندهم قبل الإسلام، كذا قيل، والمقصود منه أن الإعظام والاستشفاع بأسامة كان قبل أن يبلغ السلطان، أو قبل أن يحكم.

واسم المرأة على الصحيح فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهي بنت أخي أبي سلمة بن عبد الأسد، الصحابي الجليل، الذي كان زوجًا لأم سلمة، قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه المرأة قتل أبوها كافرًا يوم بدر، قتله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

أما المسروق ففي بعض الروايات "قطيفة" وفي بعضها "حلي" وجمع الحافظ ابن حجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015