أو أمة" وقد فسر الغرة في الحديث بعبد أو أمة، و"أو" هنا للتقسيم لا للشك. فالمراد بالغرة عبد أو أمة. قال الجوهري: كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله - من إطلاق الجزء وإرادة الكل كما قالوا: أعتق رقبة، وأصل الغرة بياض في الوجه ولهذا قال أبو عمرو: المراد بالغرة الأبيض منهما خاصة وسيأتي في فقه الحديث وفي رواية "غرة عبد أو أمة، عشر من الإبل، أو مائة شاة" فدية الجنين عشر الدية.

(فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها) أي وأن الدية على عصبتها. ومرجع الضمائر يؤهم خلاف المراد، والمعنى: قضى بأن ميراث المقتولة لزوجها وبنيها، وأن العقل والدية على عصبة القاتلة، وفي الرواية الثالثة "وقضى بدية المرأة على عاقلتها" أي قضى بدية المرأة المقتولة، على عاقلة المرأة القاتلة "وورثها ولدها ومن معهم" وورث المقتولة أولادها وزوجها الذي معهم، يوضح ذلك الرواية الرابعة، ولفظها "فجعل دية المقتولة على عصبة القاتلة".

وقد أراد أبو القاتلة وأخوها أن يتهربا من الاشتراك في دية المقتولة وجنينها، وأن يحملا بنيها الدية، فعند البيهقي "فقال أبوها: إنما يعقلها بنوها" وفي رواية "فقال أخوها: إن لها ولدًا هم سادة الحي، وهم أحق أن يعقلوا عن أمهم؟ قال: بل أنت أحق أن تعقل عن أختك من ولدها".

كما حاول عم المقتولة أن يزيد في الدية، فادعى أن الجنين يستحق دية رجل كبير، ففي رواية "فقال عمها: إنها قد أسقطت غلامًا قد نبت شعره؟ فقال أبو القاتلة: إنه كاذب، إنه والله ما استهل، ولا شرب، ولا أكل، فمثله يطل" وبهذا حاول أبو القاتلة أن يتهرب من دية الجنين، بعد أن قضى عليه بالاشتراك في دية المرأة.

وفي الرواية الثالثة أن الذي سجع هو الزوج، حمل بن النابغة، وفي الرواية الرابعة والخامسة أن الذي سجع رجل من عصبة القاتلة، وفي رواية عند الطبراني "فقال أخوها العلاء بن مسروح: يا رسول الله، أنغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل، فمثل هذا يطل" قال الحافظ ابن حجر: يجمع بين هذا الاختلاف بأن يكون كل من أبيها وأخيها وزوجها، قالوا ذلك لأنهم كلهم من عصبتها، فإن المقتولة عامرية، والقاتلة هذلية، اهـ ويتصور الزوج من العصبة حين يكون ابن عم لها. وعندي عدم الاعتماد على الرواية التي ذكرت الزوج، فهو سيرث أكثر مما يغرم فهو أب للجنين مما يبعد اعتراضه.

أما أبناء القاتلة فإن كانوا من زوجها حمل بن النابغة فهم من عصبتها وعاقلتها، وإن كان أبوهم من غير عصبتها فهم ليسوا من عصبتها، ولا يعقلون.

( .. ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل) استهل الصبي رفع صوته بالبكاء وصاح عند الولادة، أما لفظ "يطل" فقد قال النووي: روي في الصحيحين وغيرهما بوجهين، أحدهما "يطل" بضم الياء وتشديد اللام، ومعناه يهدر ويلغي ولا يضمن، والثاني "بطل" بفتح الباء والطاء وتخفيف اللام، فعل ماض من البطلان، وهو بمعنى الملغي أيضًا، وأكثر نسخ بلادنا بالياء المثناة، ونقل القاضي: أن جمهور الرواة في صحيح مسلم ضبطوه بالباء الموحدة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015