(وساقوا ذود النبي صلى الله عليه وسلم) الذود القطيع من الإبل، قيل: من الثلاث إلى العشر. وفي الرواية الثانية "وطردوا الإبل" أي ساقوها أمامهم، وفي ملحقها "واطردوا النعم" أي جعلوها تطرد وتتابع أمامهم، وفي رواية للبخاري "واستاقوا النعم".
(فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية للبخاري "فجاء الخبر في أول النهار" وسبق أن الذي جاء بالخبر أحد الرعاة.
(فبعث في إثرهم) وفي الرواية الثانية "فبعث في آثارهم" والإثر بكسر الهمزة العقب، والأثر بفتح الهمزة والتاء وجمعه آثار بقية الشيء وما تخلف عنه، فالمعنى بعث وراءهم من يلحقهم ويأتي بهم، أو بعث من يتتبع آثارهم حتى يلحقهم، وفي ملحق الرواية الخامسة "وعنده شباب من الأنصار، قريب من عشرين، فأرسلهم إليهم، وبعث معهم قائفًا يقتفي أثرهم".
(فأتى بهم) في الرواية الثانية "فأدركوا، فجيء بهم" أي أسارى. فاعترفوا.
(فقطع أيديهم وأرجلهم) في الرواية الثانية "فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم" يعني قطع يدا كل واحد ورجلاه من خلاف. وفي ملحق الرواية الرابعة "ولم يحسمهم" أي لم يكو ما قطع منهم بالنار، لينقطع الدم، بل تركه ينزف، كما فعلوا بالراعي أو الرعاة.
(وسمل أعينهم) بفتح السين والميم مخففة، والسمل فقء العين بأي شيء كان، وفي الرواية السادسة "إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك، لأنهم سملوا أعين الرعاء" وفي الرواية الثانية "وسمر أعينهم" بضم السين وكسر الميم مخففة، مبني للمجهول، وفي ملحقها "وسمرت أعينهم" بضم السين وتشديد الميم المكسورة. مبني للمجهول أيضًا، ولم يؤنث الفعل تارة، وأنث أخرى، لأن نائب الفاعل مجازي التأنيث. وتسمير الأعين لغة في سملها، ومخرجهما متقارب، وقد يكون من المسمار، يريد أنهم كحلوا بمسامير قد أحميت، ففي رواية عند البخاري "ثم أمر بمسامير، فأحميت، فكحلهم بها" ولا يخالف ذلك رواية السمل، لأنه فقء العين بأي شيء كان.
(وتركهم في الحرة حتى ماتوا) "الحرة" بفتح الحاء وتشديد الراء المفتوحة أرض ذات حجارة سود، كأنها أحرقت. والمقصود منها هنا موضع بظاهر المدينة بهذه الصفة معروف. وفي الرواية الثانية "ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا"، وفي الرواية الثالثة "وألقوا في الحرة، يستسقون فلا يسقون" وفي رواية "يعضون الحجارة" وفي رواية "يعض الأرض، ليجد بردها، مما يجد من الحر والشدة" وفي البخاري "قال أنس: فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت".
-[فقه الحديث]-
يقول الله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض}