وفي الرواية الثانية "انطلقا قبل - أي جهة - خيبر، فتفرقا في النخل" وفي الرواية الرابعة "خرجا إلى خيبر، في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي يومئذ صلح، وأهلها يهود، فتفرقا لحاجتهما" وفي ملحقها "عبد الله بن سهل بن زيد انطلق هو وابن عم له، يقال له: محيصة بن مسعود بن زيد" وفي الرواية السادسة "أن عبد الله بن سهل ومحيصة، خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم" أي ضيق عيش، وكان حقه أن يقول: أصابهما، لكنه راعى أن الجهد أصابهما وأصاب أهلهما.
وفي رواية لمحمد بن إسحق "خرج عبد الله بن سهل في أصحاب له، يمتارون تمرًا". وكان خروجهم بعد فتح خيبر، فإنها لما فتحت أقر النبي صلى الله عليه وسلم أهلها فيها، على أن يعملوا في المزارع بالشطر مما يخرج منها.
(ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلاً، فدفنه، ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل) في بعض النسخ "ثم إن محيصة". وتبين الروايات الأخرى أن محيصة وجد عبد الله بن سهل مقتولاً ينزف دمه، في حفرة غير عميقة من حفر الأرض، وبعد أن دفنه اتهم يهود بقتله، فنفوا، فرجع من خيبر إلى المدينة، فأخذ أخاه حويصة وابن عمه أخا القتيل، عبد الرحمن بن سهل، وذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الرواية الثانية "فاتهموا اليهود فجاء أخوه عبد الرحمن، وابنا عمه حويصة ومحيصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي الرواية الرابعة "فقتل عبد الله بن سهل فوجد في شربة مقتولاً - والشربة بفتح الشين والراء والباء، هي حوض أو حفرة واسعة غير عميقة، تكون في أصل النخلة، وجمعها شرب بفتحتين، مثل ثمرة، وثمر"، وفي الرواية السادسة "أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في عين أو فقير" بفتح الفاء وكسر القاف، أي حفيرة، وفي رواية: "فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل، وهو يتشحط في دمه، أي يضطرب، فيتمرغ في دمه" وفي رواية "فأتى محيصة يهود، فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: والله ما قتلناه". وفي رواية للبخاري "فقالوا للذين وجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا، قالوا ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً".
(وكان أصغر القوم) أي كان أخو القتيل، عبد الرحمن بن سهل، أصغر الثلاثة.
(فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه) فإن الأمر أمر أخيه، وهو ولي الدم، وهو الوارث، وأما الآخران فابنا عم، لا ميراث لهما مع الأخ، وإقامة الدعوى تكون من الوارث، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له "كبر. كبر" وفي الرواية السادسة "فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر" وهو أعلم بشرح ما وقع، ولكنه لما كان أصغر من أخيه حويصة قال له صلى الله عليه وسلم: "كبر. كبر"، ومادام صلى الله عليه وسلم سيسمع من الثلاثة، فليكن سماعه من الأسن، فالأقل سنًا، فالأقل سنًا، حويصة، ثم محيصة، ثم عبد الرحمن، كأدب شرعي.
(كبِّر. الكُبْرَ في السن) "كبر" بتشديد الباء المكسورة، فعل أمر، أي قدم الأكبر منك. و"الكبر" بضم الكاف وسكون الباء، منصوب على الإغراء، مفعول لفعل محذوف، أي الزم الكبر في السن، وفي الرواية الثانية "كبر. الكبر" - أو قال: "ليبدأ الأكبر" وفي الرواية السادسة: "كبر. كبر" - الثانية