(أعوذ باللَّه .... أعوذ برسول اللَّه) أي ألجأ إلى اللَّه أن يحميني من ضربك. والظاهر أن الغلام لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي مسعود قال: ألجأ إلى رسول الله أن يحميني.
(أما لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار) "أو" لشك الراوي في أي الجملتين قيلت. واللفح الإصابة في الوجه، والمس إصابة الجلد مطلقًا، أي لو لم تعتقه، وتكفر بالعتق عن ضربه لعوقبت بالنار يوم القيامة، و"أما" بتخفيف الميم حرف استفتاح، مثل "ألا" تفيد تأكيد الجملة بعدها، وفي بعض النسخ "أما والله لو لم تفعل ... ".
(نبي التوبة) وصف بذلك، مع أن الأنبياء جميعًا جاءوا بالتوبة، لأنه صلى الله عليه وسلم جاء بقبول التوبة بالقول والاعتقاد، وكانت توبة من قبلنا بقتل أنفسهم، ويحتمل أن يراد بالتوبة الإيمان، والرجوع عن الكفر إلى الإسلام، وأصل التوبة الرجوع، قاله القاضي.
(عن المعرور بن سويد) بفتح الميم وسكون العين وضم الراء الأولى.
(بالربذة) بفتح الراء والباء والذال، موضع بالبادية، بينه وبين المدينة مسيرة ثلاثة أيام بالراحلة نحو خمسين ميلاً، من جهة مكة، في منطقة ذات عرق، وبها دفن أبو ذر الغفاري رضي الله عنه.
(وعليه برد، وعلى غلامه مثله) البرد بضم الباء وسكون الراء كساء مخطط، يلتحف به، ويؤتزر به، والحلة من بردين، كالبدلة، وفي الرواية الحادية عشرة "وعليه حلة. وعلى غلامه مثلها" وفسرت بمعنى: وعليه جزء حلة، وفي رواية "فإذا حلة، عليه منها ثوب، وعلى عبده منها ثوب".
(كان بيني وبين رجل من إخواني كلام) أي إخواني في الإسلام، أي كان بيني وبين رجل من المسلمين كلام، أي سباب، قيل: إن الرجل المذكور هو بلال المؤذن، مولى أبي بكر رضي الله عنه.
(وكانت أمه أعجمية، فعيرته بأمه) الأعجمي من لا يفصح باللسان العربي، سواء كان عربيًا أم أعجميًا، وفي الرواية الحادية عشرة "أنه ساب رجلاً .... فعيره بأمه" فالفاء في "فعيره" تفسيرية، كأنه فسر السب بالتعيير، والظاهر أنه وقع بينهما سباب، وزاد عليه التعيير، فتكون عاطفة، ويدل على هذا قوله في الرواية العاشرة "قلت: من سب الرجال سبوا أباه وأمه".
وفي رواية للبخاري "وكانت أمه أعجمية، فنلت منها" وفي رواية "فقلت له: يا ابن السوداء".
(إنك امرؤ فيك جاهلية) أي هذا التعبير من أخلاق الجاهلية، ففيك خلق من أخلاقهم، وينبغي للمسلم ألا يكون فيه شيء من أخلاقهم. قال الحافظ ابن حجر: ويظهر لي أن ذلك كان من أبي ذر قبل أن يعرف تحريمه، فكانت تلك الخصلة من خصال الجاهلية باقية عنده، فلهذا قال - كما في ملحق الرواية العاشرة - "قلت: على ساعتي هذه من الكبر" وفي رواية البخاري "على ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: نعم" كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه، مع كبر سنه، فبين له أن هذه الخصلة مذمومة شرعًا، فكان بعد ذلك يساوي غلامه بنفسه احتياطًا.