قال البيضاوي: والمعنى أن عادة الناس تعليق النذر على تحصيل منفعة، أو دفع مضرة، فنهي عنه لأنه فعل البخلاء، إذ السخي إذا أراد أن يتقرب بادر إليه، والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفيه أولا، فيلتزمه في مقابلة ما يحصل له، وذلك لا يغني من القدر شيئًا، فلا يسوق إليه خيرًا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرًا قضي عليه، لكن النذر قد يوافق القدر، فيخرج من البخيل ما لولاه لم يكن ليخرجه.

ومعنى أنه لا يأتي بخير، كما جاء في الرواية الرابعة، أن عقباه لا تحمد، وقد يتعذر الوفاء به، وإن كان يترتب عليه خير، وهو فعل الطاعة التي نذرها، وقال النووي: معناه أنه لا يرد شيئًا من القدر، كما بينته الروايات الأخرى.

(كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل) "ثقيف" علم على قبيلة، ممنوع من الصرف، و"عقيل" مصغر، والحلف بكسر الحاء التعاهد على النصرة والنصيحة والتعاون والحماية.

(وأصابوا معه العضباء) أي واستولوا على الناقة التي كانت معه، والتي سميت العضباء، وفي أحمد وأبي داود، "كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل، وأخذت العضباء معه "وكانت ناقة سباقة، لا تكاد تسبق، فأطلق عليها عند الرجل: سابقة الحاج.

(فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية أحمد "رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، عليه قطيفة".

(فقال -إعظامًا لذلك-: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف) أي بجريمتهم، أي أجابه على سؤاله إعظامًا أن يكون قد أخذه بغير جريرة، أي إعظامًا للأخذ بدون جريمة.

(لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح) أي لو قلت كلمة الإسلام قبل الأسر، حين كنت مالك أمرك، أفلحت كل الفلاح، لأنه لا يجوز أسرك لو أسلمت قبل الأسر، فكنت فزت بالإسلام، وبالسلامة من الأسر، ومن أخذ مالك وناقتك غنيمة، وأما إذ أسلمت بعد الأسر، فيسقط الخيار في قتلك، ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء، قاله النووي.

(هذه حاجتك) أي خذ طعامًا وماء.

(ففدي بالرجلين) أي فك إساره على سبيل المفاداة بالرجلين اللذين أسرا من المسلمين"، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله، فكانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(وأسرت امرأة من الأنصار) قال النووي: هي امرأة أبي ذر رضي الله عنه.

(وأصيبت العضباء) في رواية لأحمد "ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة، فذهبوا به، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين" ولعلها كانت قريبة من السرح، فأخذوها مع السرح.

(وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم) في رواية أحمد "فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015