وقيل: كان صومًا، وقيل: كان عتقًا، وقيل: كان صدقة، والنذر مصدر نذر ينذر بكسر الذال وضمها في المضارع، لغتان.
وفي رواية "قال سعد: إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها"؟ فيحتمل أن يكون سأل عن النذر وعن الصدقة عنها، وبين النسائي جهة الصدقة، وفيه "فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء" وفي الموطأ، "خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض مغازيه، وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي. فقالت: فيم أوصي؟ المال مال سعد. فتوفيت قبل أن يقدم سعد".
(فاقضه عنها) في رواية "أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك".
(أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا ينهانا عن النذر) في الرواية الخامسة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنذروا".
(ويقول: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من الشحيح) في الرواية الخامسة: "فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل" وفي ملحقها "إنه لا يرد من القدر" وفي الرواية الثالثة "النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره" وفي الرواية السادسة "إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئًا، لم يكن الله قدره، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج" وفي رواية "لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له" وفي هذه الألفاظ تعليل للنهي عن النذر، وليس المراد بالنهي الزجر عنه والتحذير من فعله، إذ لو كان كذلك لبطل حكمه، ولما لزم الوفاء به، لأنه بالنهي يصير معصية، فلا يلزم، كيف وقد مدح الله تعالى فاعله ووفاءه به؟ وإنما المراد من النهي تعظيم أمر النذر، وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه، وعدم التفريط في الوفاء به، فليس هناك نهي عن النذر في الحقيقة.
وقيل: المراد النهي عن النذر حقيقة نهي تنزيه، من حيث إن الناذر يأتي بالقربة - عند الوفاء - مستثقلاً لها، لما صارت عليه ضربة لازم، وكل ملزوم لا ينشط للفعل نشاط مطلق الاختيار.
وقيل: المراد النهي عن النذر، لأن الناذر لما لم ينذر القربة إلا بشرط أن يفعل له ما يريد صار كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب.
وقيل: المراد النهي عن عقيدة تصاحب النذر غالبًا، وليس عن النذر مطلقًا، وكأنه قال: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدره الله لكم، أو على أنكم تصرفون به عنكم ما قدره الله عليكم، قال القاضي عياض: ويحتمل أن النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن النذر يرد القدر، ويمنع من حصول المقدر، فنهى عنه خوفًا من جاهل يعتقد ذلك.
وفي الرواية الثانية، "يستخرج به من الشحيح" وفي الثالثة "من البخيل" وفي رواية "من اللئيم" والمعاني متقاربة، لأن الشح أخص، واللؤم أعم، قال الراغب: البخل إمساك ما يقتضي عمن يستحق، والشح بخل مع حرص. واللؤم فعل ما يلام عليه.